تصفح الوسم

عدنان كنفاني

أرقام القبور… في سيرة كل مقبور!

حدّثني صديقي عبد الرزّاق بن محمد بن عبد الرزّاق.. قال:  منذ عشرات السنين حدّثني متعهّد حفر القبور في مقبرة باب الصغير أنهم كانوا ينزلون بضع درجات في طريق دخولهم إلى المقبرة.. واليوم نصعد إليها بضع درجات..! قلتُ:    خفِّف…

إلى أين العبور..؟

وألف صباحٍ حزين.. وما تراجَعتْ قوافل القهر، ولا ارتوت جِرارُ الحقد، وما توقف النزيف..؟ أيها الصباح المثقل بالوجع.. رائحة الموت تغطي أمنيات الحالمين برجفة حياة ليس أكثر، وامرأة وسط زحام النداءات، شدّوا عن رأسها وشاحها الأبيض فتناثرت…

الديك الفصيح

لست أنسى ذلك اليوم أبداً، فقد تعلّمت فيه أنا وإخوتي درساً رافقنا طوال مسيرتنا في الحياة. في ذلك اليوم، وكنا لم نزل صغاراً بعد، كل ما يشغلنا ويهمنا أن نلعب، ونقوم أحياناً بتلبية الطلبات البسيطة التي تكلِّفنا بها أمي أو أبي أو سيدي،…

وجدتها!

مسألة الوحدة شغَلتني، هذه الوحدة التي تكمن في مطاويها بذور قوتنا، وخلاصنا من حالة الضعف المستشري فينا، وبدأت أفكر عن جد، كيف يمكن أن نحقق وحدة عربية أو إسلامية، أو أي شكل من أشكال وحدة يجمعنا على صراط واحد؟ بالسيف.. لم ننجح، بالدهاء…

دوائر الذات

هذا الصمت الموحش يغوص حثيثاً بين الخطوات الصاخبة لتماثيل من شمع يرددون صدى حكايات قديمة، بالية، نمت فوقها تلال من الأعشاب البريّة. من يأخذ نصف عمري ويأتيني بها!؟ لا أحد يردّ على ندائي.. لا أحد يعبأ بي أتلفّت حولي، أبحث عنها…

نزيف بلا دماء

كانت تجلس هناك.. في فيء شجرة وارفة، تداعب بأصابعها النحيلة صفحة الماء الرائق في جدول صغير، وإلى جانبها عصافير صغيرة تنام على حلم الأمان، وفراشات زاهية الألوان تنقل فرحها بين سحر الأبيض المنسول من زهيرات الياسمين، وحزن بنفسجة تطلق بوح…

وشاية

كانت شمسٌ تمسح زينتها عن وجه الأرض! والماء خفيفاً يحمل مركباً من ورق، شراعه نبضة حب، ومجدافه جناح نورسٍ أتقن الانتماء إلى عشّ أسكنه، في أحرّ مواسم اليباس، حديقةً وارفة الظلال، نسيمها ندى صباح، وفراشاتها شهد النشوة. كيف يجري…

انبضي في خلاياي

مثل صعقة الجنون رشقتني سهام ما أدركت أنها قاتلتي، فأيقنت أنني بين ذلك السحر الدافئ، والرعشة الخجولة رأيت ذاتي، فقلت في نفسي، هي آسرتي. في مساحات الأمكنة المخبأة في صحائف القدر، لم أرَ غيرها.! ولم أسمع غير همسها، عشت ألتقط كل حرف…

الجزاء على قدر العمل

مات الجنزوري.! خبر تناقله الناس في حواري عكا، فانتشر كما تنتشر النار في كومة قش يابس. سمعنا الخبر، ولم نكن نعرف من هو الجنزوري أصلاً، ولماذا يُحدِثُ خبر موته كل هذا الصخب.؟ عندما تناهى الخبر إلى مسامعنا، انتابتنا نوبة ذهول.. مات…

دثّروني!

يُحاصرني البرد، يفتك بأوصالي، أسحب نجمة عابرة أشدها إلى صدري علّها تغذيني بالدفء. ربااه! العتمة الحالكة تأخذها بعيداً عن ملمس أصابعي، حتى هذه الغريبة العابرة فضائيَ التعس تأبى أن تشاطرني موسم برد فاجأني قبل أوان البرد، وحطّ…

«عدوّ جدّك لا يودّك»

ضابط إنكليزي يتردد على دكان جدّي في عكا، ويقضي أوقاتاً مع جدّي الذي كان يجامله خشية أن يلفق له تهمة تودي به، وكان غالباً ما يجلس على كرسي وطيء خارج الدكان في موقع مثالي، يراقب بعينيه الخبيثتين الناس في السوق، ويحاول أن يلتقط أحاديثهم…

أصل البلاء

كان ذلك منذ زمن بعيد.. يحاول جدّي ألاّ يستعيد ذكرى ذلك اليوم، وكلما حاول أحدنا أن يدفعه ليحدثنا عن تفاصيل ما جرى في ذلك اليوم، والذي تسبب في إيقاع أذى كبير في قدرة سمعه، كان يتهرّب بطيّ الحديث، والخوض في حديث غيره. بدأ الأمر…

أبجدية

تعالي.. فُكّي أيقونَتكِ وأبعدي عن موطنِ قَهري ريشات جرحٍ ينزف! فتّقي عُرى قَمَرينِ، وازرعيني بين شَفَقِهِما قَصْفَةَ حَبَقْ، يطيب ليَ بينَهُما المُقامُ! أغيبُ لحظةً تَسْتغرقُني الدهرَ، ولا تَكفُّ عنابرُ الشوقِ عن تكديس فُتاتي في…

شرف العمل

لأول مرة، يدخل جدّي غرفته متجهماً ونحن نلتف حوله نقتنص يديه لنقبلها، وقد أبى علينا ذلك لأول مرة أيضاً، وكان، عندما عاد من عمله استمع إلى أمي بحديث هامس بينهما، سرعان ما نظر إلينا نظرات قاسية، وقد خصّ بنظراته أخي الأكبر. أخذنا نتدارس…

وجع الغربة

نادراً ما كان جدّي لأبي يزورنا في مدينة يافا، فنحن، وإن كنّا من أصول عكّاوية، إلا أن إقامتنا، ومكان ولادتنا نحن الأبناء، كانا في مدينة يافا، وفي حيّ (المنشيّة) تحديداً القريب من ساحل بحر يافا.. كما أن مكتب والدي (المحامي) يقع في شارع…

من فيض الذاكرة

السماء صافية، وأشعة الشمس الأرجوانية تطبع على الرمال الصفراء لوناً أحمر، وصريراً يأكل حواف الرخام الأبيض، ويقضم أحرف الكلمات المتعّلقة على قناطر الشواهد.. قبور مسطّحة، تخوض عليها قوافل النمل والسحالي والحرادين، تتعربشها مشاريع…

رسالة من غزة

ثلاث سنوات ونيّف، وسورية تعاني من هجمة تتريّة لإركاعها، وإجبارها على التخلي عن سيادتها الوطنية وانتمائها القومي، وعما تمثّله من مكانة معنوية ومادية في محور المقاومة الذي أثبت أنه السبيل الأصح للانتصار على المشروع الصهيوني العنصري الذي…

برَكةُ الميزان

وقفت حائراً، تتملكني الدهشة أمام معرض كبير «سوبر ماركت»، أفرَدَ قسماً كبيراً من مساحة المعرض لعرض مجموعة كبيرة ومتنوّعة من الموازين «جمع ميزان»، الكبيرة والصغيرة، الحاملة والمحمولة، الإلكترونية والرقمية وذات العقارب، الملوّنة وبأشكال…

بَطلٌ من سورية في سجلِّ الخالدين.. سليمان الحلبي

لم يتوقّف الصراع بين تيار الباطل وتيار الحق منذ صدر التاريخ، وقد عانت (منطقتنا العربية) الأمرّين من سطوة الاحتلال والغزوات على مسيرة التاريخ. ما بين عامي 1798 و1801 تُعرّض القطر المصري الشقيق لغزوة فرنسية في عهد نابليون بونابرت…

«قلب بلون ياسمين دمشق»

قلائل هم الرجال الذين يجمعون في شخصيتهم ألواناً متعددة، يتحلّون بروح النكتة، وشفافية التذوّق، ويجمعون بين العمل السياسي الوطني، والاهتمامات الفنيّة والأدبية بأنواعها المتعددة. فخري بيك البارودي، وحيّ القنوات في دمشق، وبيته الكبير…

رسالة إلى …!

كم مرّة في العمر يحس الإنسان رغبة عارمة في الانطلاق.؟ يحطّم في شرارة انطلاقه كل القيم التي تربّت فيه، ويدمّر شوط عمر يعلم الله كم يحمل من سنوات بحلوها ومرّها.. بعذاباتها وسعادتها.. بطموحاتها وإحباطاتها.. سنوات في عمر المرء…

ذاكرة لا تنسى

السماء صافية، وأشعة الشمس الأرجوانية تطبع على الرمال الصفراء لوناً أحمر، وصريراً يأكل حواف الرخام الأبيض، ويقضم أحرف الكلمات المتعّلقة على قناطر الشواهد.. قبور مسطّحة، تخوض عليها قوافل النمل والسحالي والحرادين، تتعربشها مشاريع…

يسألونك عن السبب

على تهمة الحداثة، يكتب البعض، شعراً أو نثراً، بما لا يُفهم، ولا يدلّ على معنى، ولا يصل إلى هدف، ثم يدّعي أنها الحداثة.. واختراق العادي، والتفوّق على الذات، وعليك أن تهزّ رأسك طرباً وإعجاباً، وتقول آمين، وإذا تجرأت وقلت أنا لم أفهم…

المجدُ لله

أهربُ من قسوة الوقت، وقلق الانتظار.. أبحث عن نفسي في ظلّ أمكنةٍ تتنفسُ من فتنة الأرض سرَّ خلودها، ونبض كينونتها. أهرب من نفسي إلى نفسي المعتّقة في شجن التاريخ، إلى باحات الروح، وإيقاع خطوات تتنسّم من عبق الطرقات والدروب لمسة الصفاء.…
العدد 1105 - 01/5/2024