19 عاماً من السجن من أجل رغيف خبز

ماري مرشد:

جان فال جان إنسان أميّ بسيط، دفعه الجوع والقلّة لسرقة رغيف خبزٍ لإطعام أطفال أخته السبعة الجياع، هذا ما جاء في الرواية الشهيرة(البؤساء) لكاتبها فكتور هوغو، مصوراً فيها الكثير من الظلم والحالة المزرية التي حدثت في ذاك الزمان، أمّا عن زماننا فالعدالة لها وجوه كثيرة ومتعددة.

وحين يأخذنا الحديث عنها نجدها تطرق أبواباً كثيرة، حيث نجد أن أوروبا قد بدأت تتعافى ليس فقط اقتصادياً، بل وأيضاً في مجال العدالة الاجتماعية، وذلك وفقاً لمؤشّر العدالة الاجتماعية للاتحاد الأوروبي عام ،2017 والتي نشرت مؤسسة برتلسمان تقريرها بهذا الشأن.

ويضع التقرير بلجيكا مثلاً في المرتبة الثالثة عشرة بين دول الاتحاد الأوروبي. وقد ظلّ أداؤها مستقراً منذ عام ،2008 وهو أول عام تقييم.

وقال التقرير أنه بالرغم من أن جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي قد استعادت مستوياتها قبل الأزمة المالية عام 2009 فإن بيانات المؤشّرات الأخيرة تعطي الأمل في أن الأسوأ قد انتهى ليس فقط من الناحية الاقتصادية، ولكن أيضاً من منظور اجتماعي.

ويتألف مؤشّر العدالة الاجتماعية من 30 مؤشراً نوعياً وثمانية مؤشرات فرعية، يرتبط كل منها بأحد الأبعاد الستة للعدالة الاجتماعية والتي تتمثّل: بمنع الفقر، والتعليم المُنصف، والوصول إلى سوق العمل، والتماسك الاجتماعي، وعدم التمييز، والصحة، والعدالة الجنائية الدولية. ولا تزال بلجيكا تحتل المرتبة الأعلى في البعد الصحي.

ولكن إذا ما رغبنا بالتحدّث عن الواقع المرير في سورية، فإننا نراه واقعاً مختلفاً في مفاهيم العدالة الاجتماعية، حيث سنين الحرب قد قادت للكثير من طمس مفاهيمها وتغيير مسار المجتمع بأكمله بعد أن كانت متمتعة بكافة تلك الحقوق والرفاهية في العيش، لكن الحرب لم تبقِ على شيء حين طمست أغلب المعالم ويتّمت وشرّدت الكثير من الأبرياء ولم يعد هناك مجالاً لاكتمال العدالة بعد أن أسدل الأمان ستاره، بل البلاد باتت تئن من غير حلول مجدية، فما من عدالة تحلّ وهناك طفل محروم من أبسط حقوقه تاركاً نفسه في العراء، باحثاً عن مأوى أو عن من ينتشله من فقر مدقع أصاب الكثير من العائلات، أو من آهات وتوجّع مجروح خسر بعض أجزاء من جسده ليُكمل باقي حياته، والكثير من القصص التي تروى وتحكي تلك المواجع، ولكن خيط الأمل لا ينقطع، فبالرغم كل ما حدث وعاشته البلاد إلاّ أن عناصر العدالة الاجتماعية كانت تتجسّد من وقت لآخر في وجوهٍ عدّة منها المطالبة في المساواة الجندرية، تمكين حق التعليم والعمل والطبابة.. الخ، وإعطاء كل فرد حقّه، وكان للجمعيات والمنظمات الاجتماعية دورها في تدعيم هذه المبادئ وتوجيهها بشكلها الصحيح.

لذلك قامت الأمم المتحدة بإقرار يوم العشرين من شباط يوماً للاحتفال بمفهوم العدالة الاجتماعية، داعيةً المجتمعات والحكومات لإنهاء الفجوات بينها وبين المواطنين والالتزام بمبادئ حقوق الإنسان في العالم أجمع.

العدد 1105 - 01/5/2024