تـدوير الفرص

غزل حسين المصطفى:

كان التركيب الأكثر دوراناً في أحاديث كنت أسمعها للمرة الأولى في بداية رحلتي التطوعية مجرد تركيب لغوي كنت أخال أنه من مقتضيات حديث يمرُّ أمامنا على اعتبار أننا جُدد، ولابدّ للمسؤول أن يُزخرف حديثه به. ولكن، دارت الأيام وتبدّلت الرؤية لتُصبح فكرة (تدوير الفرص) هي ثقافة راقية مُطبّقة في الدائرة التي انحصر بها.

وعن تجربة، دارت الفرصة وهي اليوم بيدي، وأنا أسعى لتأسيس كيان ثابت من موقعي، وأنادي بعض الأيادي التي أثبتت حرصها وشغفها لتساندني في العملية وتكون على دراية بما يحصل، فتكون خيارات التغيير أكثر اتساعاً ولا نخسر ما بُني. بهذا فقط كنت أرى أن بناء عملية شراكة مع أشخاص جُدد، والبحث عن شخص بديل من بعدي يستلم زمام الأمور ويُضيف من فكره ورؤيته ما من شأنه أن يُغيّر وجه الحدث ويعطينا قفزة نوعية جديدة سبيلاً مهمّاً للحفاظ على عجلة التغيير.

السؤال الذي قد يُطرح: لمَ نُفكّر بالبديل وهناك شخص قائم بالمهام؟

من منطلقي أرى أننا إذا أردنا السير نحو أفق مُتجدد مُفعم بالحداثة والروح المتجددة، علينا أن نؤمن بأهمية الحفاظ على رؤى جديدة تحكم سير الخطط بما يتناسب مع الخط العام أولاً، والصورة المُجمّلة التي ينبغي أن نصل إليها في حال امتطينا صهوة التحديث.

هل تُعتبر عملية التبديل شهادة غير مُعلنة عن إفلاس القائم بالعمل فكرياً أو حتى شكّاً بقدرته على المواصلة؟

مشكلتنا في القوالب النمطية والسلبية على وجه الخصوص لبعض الأمور، لماذا هذه الاعتبارات؟

في حال بقينا على هذا النحو سنرى أن كل كهل سيرافقه الكرسي إلى مثواه الأخير، والشباب سيبقى في مكانه حبيس أفكاره تقتله قلّة الحيلة وانعدام المساحة والفرص حتى.. كما أننا سنبقى ضمن قوقعة تحكمنا فيها الرتابة والنمطية المُميتة.

بالمختصر حديثي يرتكز على خلاصة مفادها أن عجلة التغيير وحركة التبديل عليها أن تحكم مسارنا في شتى ميادين الحياة أولاً، وفي المناصب ورؤوس التغيير والتخطيط ثانياً، بكونها ثقافة ولا أبالغ إن وصفتها بذلك، لاسيما بوجود الألسنة الصفراء والرؤوس المُتعفّنة التي لا شاغل لها إلاّ التقييمات الفارغة من المنطق والفهم، فالقصة لا تعتمد لا على النزاهة ولا على الفهم ومقدار الذكاء، فالذكي برأيي من يصل إلى أوج العطاء ويُسلّم خُيوطه وهي متينه مُتناسقة لمن بعده ليكمل النسج، ويكون من أولى الأكف المُصفقة للقادم الجديد.. بهذا فقط نستطيع أن نواكب الركب، نرسم الغد بجدارة، نوظّف طاقات الشباب المُتقدة، ونُشعل حكمة المخضرم لتكون منارة.. وفي النهاية الغاية الوحيدة ستكون غداً أفضل للجميع.

العدد 1105 - 01/5/2024