لا سُلطة تحكم

غزل حسين المصطفى: 

السؤال الذي يفرض نفسه علينا في بعض الأمور أو لنقل في كل الأمور:  ماذا لو كانت شؤون الدنيا بأيدينا ؟! نحكم أنفسنا بأنفسنا فلا سلطةً إلهيةً ولا سياسيةً؟!، هل سيكون الأمر أكثر عدالةً فرضاً ؟!، هل ستسير الأمور بشكلٍ مُرضٍ؟!

وحتى الأشخاص الذين يؤمنون بالله وعدله، يأتي عليهم مُصابٌ لتُفلت من ألسنتهم بعبض العبارات، التي تُعبّر عن سخطهم ممّا حدث، يُريدون الكمال في كل شيءٍ، هو الله جلّ جلاله في قدسيته، يُحكى بعدالة ما قسّم وحتى لو كان الكلام لغو حديثٍ!!

كيف تُرضينا الحكومات السياسية وهم بشر، ذنوبهم كما ذنوبنا، والأنا الأعلى تُسيطر على كل الجوارح؟

لا شكّ أن وجود حرية ٍشخصيةٍ، وديمقراطيةٍ سياسيةٍ، أمرٌ لا بدَّ منه، في كل الدول والمجتمعات، لكن إلى أي حدٍّ نحن قادرون على تَفهّم الديمقراطية ومُمارستها بشكل سليم؟

في المنزل مثلاً، وعلى مستوى أسرةٍ صغيرةٍ، أرى أن وجود ديمقراطيةٍ بشكلٍ واسعٍ دون ضوابط تحكم الحالة، ستتحول هذه الأسر لمجموعة أشخاص يتقاسمون مكاناً واحداً، لا سلطةً قطعية،ً أو حتى غير مباشرةٍ تحكم العلاقة، هذا بفرض التطبيق الخاطئ للمفهوم، وهذا لا يعني انعدامها، بل هي شكلٌ من أشكال التأسيس لعائلةٍ متينةٍ واعيةٍ، قادرةٍ على حلِّ قضاياها بشكلٍ مرنٍ، حين يستطيع جميع أفراد العائلة طرح آرائهم، والوصول لحلٍّ يُرضي كل الأطراف ويُراعي مصلحتهم.

فالديمقراطية شكلٌ من أشكال الحكم، يُشارك فيه مجموعة من المواطنين بطريقةٍ مباشرةٍ، أو عن طريق مُمثلين عنهم، ولكن ماذا عن الديمقراطية في مجتمعنا؟.

اليوم نحن كشبابٍ يخوض معتركات الحياة بشتّى المناحي، أرى أن هذه الشريحة لا يُستهان بها، بل يجب أن تكون مُمثلةً بشكلٍ حقيقيٍ وفعّالٍ على الأرض، بحيث لا تكون تطلعاتهم وآراؤهم طي الإهمال والتناسي، فالعبارة المعتادة في وصف هذه الشريحة(بُناة الغد).

كيف نبني الغد، إن لم نكن فاعلين، وأيدينا لا تطول الأقلام والمعاول؟!

وحتى على الصعيد الجامعي، من يدرس المناهج، ويواكب متطلبات سوق العمل هم نحن، فلماذا تبقى رقابنا بيد أشخاص تفصلنا عنهم أجيال؟!

والمشكلة فيهم أنهم هم أنفسهم يتحدثون عن أهمية حوار الأجيال والأخذ برأيهم!!

الديمقراطية كمصطلحٍ، نسمعها على المنابر بعد كل نفَس، لكن على أرض الوقع لا نلمس تطبيقاً حقيقياً لها، إلاّ إذا كان الموضوع يتأطر ضمن فكرة المشاركة الاسمية، دون التأثير الفعلي، هنا لا نستطيع المُناقشة بأي شيء للأسف، لذا، نحن بحاجةٍ ماسّةٍ لتفعيل فكرة الديمقراطية، كي نصل إلى الحالة السليمة والحياة الكريمة.

العدد 1105 - 01/5/2024