ديمقراطية الجياع والجهلة

سامر منصور:

 ليست ديمقراطية ديموس قراطيوس، حكم الشعب، الديمقراطية وهي كأي اختراعٍ بشريٍ، قد تكون إيجابيةً وقد تكون سلبيةً، فالديمقراطية هي ما مكّن بعض الشعوب من جعل تعاطي المخدرات، ومن انتشار السلاح الناري بين المدنيين، مسائل قانونيةً، لا بل إن هناك دولتين من الدول الصغيرة (هاييتي و الدومنيكان)، تعتبران ال(فودو) السحر الأسود، من الديانات الرسمية في البلاد.

وممّا جاءت به الديمقراطية أيضاً، تشريع زواج المثليين، ونحن لا نقصد إلغاء تجريم الممارسات الجنسية المثلية، لا بل نحن نتحدث عن منح المثليين حقاً بإنشاء أسرةٍ، وتبني الأطفال، من ملاجئ الأيتام وغيرها.

 ومن أفظع ما جاءت به الديمقراطية: دونالد ترامب، ذلك البلطجي، الذي فتح حرباً اقتصادية على العالم، وانسحب بالولايات المتحدة الأمريكية من اتفاقياتٍ، ومؤسساتٍ دوليةٍ معنيةٍ بجعل الواقع الإنساني أفضل، إضافة إلى الاعتداءات العسكرية.

ما سبق كان بعض المظاهر السلبية التي نتجت عن حكم الأكثرية، ورغم أن الكثير من المثقفين حول العالم، يرون أن الديمقراطية يجب أن تمنح لشعوبٍ واعيةٍ، كي تحقق خيرها ونهضتها، وتعيش حرية امتلاكها لزمام أمرها، إذ تتمكّن من الريادة وتتخلص من الدكتاتورية والاستبداد، إلاّ أننا نرى قادة دولٍ، كالولايات المتحدة الأمريكية، يرهبون شعوبهم، ويزرعون الخوف لديهم، من مسائل عديدةٍ كالإسلام والمسلمين، ثم يحصلون على قراراتٍ متخذةً بشكلٍ (ديمقراطيٍ)، لشنّ عدوانٍ على بعض شعوب العالم.

إن الإنسان الواعي الحر، بلا شك يستطيع أن يستفيد من الديمقراطية، أما الإنسان غير المثقف، الذي يؤثّر الإعلام بشكلٍ كبيرٍ في صوغ قناعاته، وتحكم مواقفه غريزة القطيع، فهذا إنسانٌ ليس حراً، ولا مدركاً لجوهر الأمور، حتى يكون صاحب حقٍّ في المشاركة بتقرير مصير بلاده، عبر الديمقراطية، ويجب أن يترك تلك المسألة لمن هم أهلٌ لها.

أمّا عن مستقبل الديمقراطية في سورية، فعلى صعيد الأسرة السورية، انحسر قمع الأب لصالح آراء أبنائه، وفي المدارس تفرض طبيعة المناهج الحديثة على المدرسين، مناخاً من تبادل الآراء والحوار مع الطلاب.

وعلى صعيد الدولة، فباختصارٍ يُمنع الحديث عن تعديل دستوريٍ ضمِنَ شيئاً من التعدّدية، وبالتالي مشوارنا بعيد حتى نصل إلى الديمقراطية، فنحن لا نجرؤ على طرح نقطةٍ يقرها الدستور الحالي!! فكيف بنا نطرح آراءنا ديمقراطياً، في صياغة مستقبل البلاد، وطرح مشاريع قرارات؟ وإذا أردت أن أتحدث عن نفسي كأديب فإن اتحاد الكتاب العرب، الذي من المفترض أنه يمثل إرادة نخبة المجتمع، يُجري انتخاباتٍ ثم يتم تعيين رئيسه، ورؤساء لعدد من فروع المحافظات، ليس بناءً على ما أفضت إليه الديمقراطية من تفضيل، بل وفقاً لما تراه القيادة مناسباً، ولا يقنعني أحدٌ أن من لا يحترم ما تفضي إليه ديمقراطية النخب السورية، سيحترم خيارات عامة الشعب السوري.

العدد 1104 - 24/4/2024