كيف نستفيد من طاقاتنا ونبني أنفسنا بقوة وثبات؟

كيف نستفيد من طاقاتنا ونبني أنفسنا بقوة وثبات؟

تتميز مرحلة الشباب بالتمرد والتقلب والبحث عن الجديد.. كما تتميّز بالتأثّر بالآخرين والاهتمام بالإثارة الانفعالية والفكرية وهذا طبيعي يمكن أن يصل بالشباب لمزيد من النضج والنمو والاستقرار والوضوح.
ولاشكّ أن أنواع الموضة المتعلقة بالشكل والمظهر من ثياب وزينة وقصات الشعر المتنوعة لها جاذبيتها الخاصة بالنسبة للشباب من الجنسين.
ويمكن أن نرى صرعات وأشكال متطرفة وغريبة في كل ذلك.. ومعروف أن فئة الشباب أكثر من الفئات العمرية تعلّقاً بأنواع الموضة بسبب طبيعتها العمرية وحيويتها وتطلعاتها.
من الطبيعي أن يبحث الشّاب أو الفتاة عن القبول الاجتماعي، وأن يكون ملفتاً للانتباه، متميّزاً، وله وجوده الخاص المستقل، وهذا عادي وصحي في الحدود المقبولة، وقليل من التمرد في المظهر والشكل لا بأس به، ما لم يصبح شيئاً مُغالى فيه، أو شّاذاً ومرضياً.
وفي الحالات المتطرفة التي يتعلّق فيها الشباب بمظهر غريب أو موضة جديدة لابدّ من البحث في الأسباب التي تدفعه إلى ذلك التعلق.
بعض هذه الحالات قد تكون عابرة أو مؤقتة ومرتبطة بظرف معين أو تقليد لشخصية فنية أو رياضية، أو سياسية، أو لإثارة اهتمام شخص من الجنس الآخر أو ما شابه، إلاَ أنها عند البعض الآخر قد تصبح سمة دائمة غالبة على الشخص حدَ الإدمان حيث يستهلك هؤلاء الشباب طاقاتهم وتفكيرهم بحثاً عن الغرابة في الموضة وصرعاتها.
بعض هؤلاء مرضى يحتاجون للعلاج، حيث يمكن لبعض الاضطرابات النفسية أن ترتبط بالغرابة في المظهر، وأن تكون تلك الغرابة بداية أو جزءاً من اضطرابات كالفصام مثلاً.
كما أن بعضهم الآخر ربما يعاني من صراعات شديدة داخلية مرتبطة بسلطة أبوية، أو تنافسية مع الأخوة، أو صراعات حول هويته الجنسية، كأن نرى الفتاة تتشبه دائماً من حيث المظهر- وحتى في بعض السلوكيات) بالشّاب، ربما لأنها غير راضية عن كونها أنثى، أو رافضة لهذه الأنوثة، والعكس صحيح بالنسبة للشاب، أو أنها أيضاً صراعٌ حول عدم الثقة بالنفس والجسد.
عندما تصل الأمور هذا الحد، لا بدّ من محاولة التعرّف على تلك الصراعات والمساعدة في حلّها بطرق إيجابية معتمدة مبدأ التعزيز وإظهار جوانب إيجابية في الشخصية أكثر رقياً من الشكل الخارجي، أو لجهة الهوية الجنسية، والاهتمام الجدي بتعزيز تقدير أشيائه العميقة من فكر وعقل وثقافة وذوق وفن وعواطف، بدلاً من الاستغراق بالشكل الخارجي وتبديد الوقت والجهد والمال بشكل عبثي.
فالفراغ الداخلي، وعدم تقدير واحترام الذات ينعكس تطرفاً واهتماماً مبالغاً فيه بالمظهر الخارجي..
ويبقى السؤال الذي على شبابنا الإجابة عنه.. كيف نبني أنفسنا بقوة وثبات ونضج.. وكيف ننمي قدراتنا ومهاراتنا بشكل إيجابي منتج، وكيف نستفيد من طاقاتنا وحيويتنا وإبداعاتنا فيما ينفع، وكيف نتعامل مع صراعاتنا الداخلية بشكل أكثر نجاحاً وقوة؟؟
إيمان أحمد ونوسليســــــــت كــــــل النجــــــوم بــــرّاقــــة

ليست كل النجوم براقة، هذه العبارة تندرج تحت ما يسمى نجوم الفن والكرة والرياضة بمختلف أشكالها، فمن منّا لا يبهره فنان أو لاعب ويبدأ بتقليده سواء بالتصرفات واللباس والكلام والشعر، أو حتى الطعام المفضل لهذا النجم، خاصة من هم في مرحلة الشباب من الجنسين، طبعاً وهذا ما جعل من شركات الإعلانات تستغل عواطف شبابنا لتصور لهم نجمهم المفضل يرتدي قميصاً من ماركة معينة يجعله أكثر وسامة والفتيات الجميلات لا تفارقه نتيجة هذا القميص، ونجم آخر من نجوم الكرة على سبيل المثال يشرب مشروباً معيناً ويصبح كالطائر في السماء لمجرد أنه رشف من هذا المشروب، هذا الشيء نفسه ينطبق على الفتيات كذلك حين تعجبهم نجمة معينة وتبدأ حياتهم معلقة برصد تصرفات ولباس وطعام هذه النجمة.. ليبقى لنا سؤال..؟ هل يا ترى هذا النجم أو هذه النجمة فعلاً هم القدوة وهم البريق الذي نستمد منه نور حياتنا..!!؟ بالطبع لا فالكثير والكثير من نجوم الفن والرياضة وحتى نجوم الأدب، للبعض منهم صورة مغايرة لواقعهم الحقيقي، وهم أشبه (بزهرة اللوتس جذرها بصلة وزهرتها فائقة الجمال).
واقع هؤلاء مغاير لما يصدره لنا الإعلان من خلال الشاشة التي تفصلنا عنها مشاعر وأحاسيس، لتحلّ بدلاً عنها الموجات، وطبعاً شتان ما بين الموجات والأزرار الإلكترونية وبين إحساسنا الملموس، وهذا ما يسقط به شبابنا العربي للأسف، إنه لا يفصل بين الواقع والإعلان لدرجة بتنا فيها نشاهد الكثير من شبابنا العربي بما فيهم الشباب السوري، نسخة عن نجمه المفضل من لباس وطريقة تصرفات وحتى اختيار الطعام، ولا يخفى علينا أن الكثير من نجومنا العالميين هم على أرض الواقع مدمنون على المخدرات، والأغلب من أصحاب الشذوذ الجنسي وحياتهم على أرض الواقع مغايرة تماماً لما يصدر ويصوّر لنا عبر الشاشة، فليعلم شبابنا أن هذه النجومية صنعتها كاميرات وشركات إعلان سعياً وراء الربح، مستغلة طيش الشباب والعواطف غير المستقرة، لتوهمهم بأنهم يمكن أن يصبحوا نسخة في الواقع، وبين الجميع وفي المجتمع عن نجمه بمجرد أنهم ارتدوا قميص هذا النجم وشربوا شرابه المفضل، ولكن لا يمكن أن نعمم فما زال البعض من شبابنا السوري يقف عند حدود القيم والفكر متجاهلاً تلك الشاشة المسطحة وما تصوره من إعلانات النجومية، متخذاً له خط سير مغاير رغم إعجابه بنجم ما، لكن يبقى هذا الإعجاب ضمن إطار الشاشة لا يخرج للواقع، لأن البعض من شبابنا السوري واقعه أعمق بكثير من ألوان الشاشة المنحصرة بقميص النجم، ورائحة ألمه الممزوج بدماء أصوله وأقرانه أقوى من عطر هذا النجم، ومرارة العلقم بشراب الواقع أكثر فعالية من شرابه، وإن كان هناك أشخاص تسرقهم لمعة هذه النجوم، فهم من أصحاب المخدة الناعمة والفراش الريش والأنامل الناعمة، هؤلاء لم يمرّ عليهم الألم وكانوا خارج الخسوف والظلمة، وبالتالي يبقى أن ندرك أنه ليست كل النجوم براقة.
وعد حسون نصر

الإعجاب بالمشاهير..
هوسٌ مُقلق..

كثيراً ما نصادف شريحة كبيرة من الشباب الأشد إعجاباً بالفنانين والمشاهير على مستوى العالم. فأغلبهم يتابع أدق تفاصيل حياتهم، ويجمع صورهم، أو يسعى جاهداً لحضور حفلاتهم، ومن الشباب من يذهب لأبعد من ذلك بكثير، إذ يتحول أمر الإعجاب والتشبّه إلى اهتمام مشوب بالهوس، حيث تقصد نسبة ليست بالقليلة من الشباب عيادات التجميل لتغيير مظهرها، ولعلّ أنف (مايكل جاكسون) نال الخلود في ذهن العامة من معجبيه حتى بعد رحيله عن الدنيا، فضلاً عن صدى موت عبد الحليم حافظ الذي سجل حالات انتحار في صفوف معجبيه ومحبيه.
فهل ذلك هوس أم إعجاب..!!؟ سؤال نتوجه به إلى المراهقين من كلا الجنسين ممّن جرّه الإعجاب إلى حدود الاقتداء بأولئك المشاهير، فما معنى الاقتداء الذي كُنّا قد قصدناه، بما أنّنا تحدثنا عن تبعات الإعجاب التي قد يتطرّق إليها أيّ شخص وقع في مرحلة الحب مع شخص عادي، وضمن الحدود الطبيعية لتطور حجم علاقة الحب والإعجاب، هو ما يقدم عليه المعجب من اقتناء صور.. ورغبة في معرفة تفاصيل كثيرة عن حياته.
لكن وما إن أصبح المعجب متيّما مريضاً بأحدهم وبطباعه حتى وإن ساءت البعض منها، لتحول الإعجاب الطبيعي إلى هوسٍ أو ما يسمى (الحب المرضي)، فالغريب والمُثير على حدٍ سواء هو الإعجاب بأشخاص مُحال الالتقاء بهم أو معرفتهم عن قرب لتصبح حياة المشهور هذا محطة دائمة يقف كثيرون عندها، حيث أنه ما من لوم واقع على المشاهير وإن خرجت تصرفات بعضهم عن المألوف أو القانون، ولكن اللوم كل اللوم على من اعتبرها تصرفات مقدسة تُتَبع وتُمارس بدافع حب التقليد والتشبّه كما أحد الفرق الغنائية التي ذاع صيتها بين الشباب، لاسيما عند أتباع المثلية الجنسية نسبة للتوجهات الجنسية لتلك الفرقة.
وتزامناً مع اتساع دائرة القضايا (المثلية، الإلحاد، الإدمان، الخ..) والتي لا زالت عالقة بين إشكاليات عدة، لا بدّ أن هوس التقليد بالعموم، وحب المشاهير ومحاولة تقليدهم خصوصا سبباً وجيهاً لذلك.
وليس أشقى من الإنسان الذي يود أن يكون إنساناً آخر غير الذي يؤهله لهُ كيانهُ الجسدي والفكري، ولا خير في إنسان يحاول التشبه بغيره، وإنك لتجد رغبة التقليد هذه موجودة بين الشباب أنفسهم، حيث أنه لا قرار ذاتي، لا مبدءاً مبنيا على تجربة شخصية خالصة حسب بعض إفادات أطباء علم النفس، فكيف إن كان التشبّه (تشبهاً أعمى..!!) وفعلياً لدينا أكداس من النقائص لكن هذه النقيصة ستقتلنا.. كن نفسك، وإن انتقص أحدهم من عظمة هذا الأمر، فيا لسوء ما يقدر.
غزل محمد عائشة

لهــــــم حقهـــــــــم… ولنـــــــــا حقنـــــــــا

في كل عصر يشكِّل الفنَّانون واللَّاعبون والممثلون والإعلاميون وغيرهم من الشَّخصيات العامة نموذجاً يحتذيه الشَّباب والشَّابات، من حيث تقليد المظهر الخارجي أو طريقة الكلام، أو ربما بطريقة المعيشة التي تتبدى لهم من خلال ما يقدِّمه ذاك النموذج، ليتحوَّل إلى ما يسمى موضة العصر.
وتساهم وسائل الاتصال والتَّواصل الموجودة في الانتشار الضَّخم لهذه الموضة مستفيدةً من قدرتها على الوصول لأكبر شريحة ممكنة لاسيما في عصرنا الرَّاهن حيث كثرت وتنوعت وسائل التَّواصل السَّمعي والمرئي والمقروء وغيرها، وباتت في كل بيت…
وبطبيعة الحال لا يقتصر هذا الأمر على مجتمعاتنا وحدها فقط، بل يشمل المجتمعات كلها إنما بنسبٍ مختلفةٍ من قدرة التَّأثير وإمكانية الوصول، إلاّ أن مجتمعاتنا تُعد المتلقِّي الأكبر لهذه الموضة وآثارها بحكم العديد من العوامل التي تعمل عليها شركات ومؤسَّسات مخصَّصة لذلك على المستوى العالمي.
وأحد أهم هذه العوامل هو إبعاد العقل العربي، وعقل أبناء مجتمعات العالم الثَّالث عن التَّفكير بشتى القضايا سواء الدَّاخلية المرتبطة بهم وبأسلوب معيشتهم، أو بالقضايا الكبرى على نطاق العالم برمَّته… من خلال التَّركيز على نماذج محددة بعينها والتَّرويج لها على أنها النَّموذج الخارق الذي يحلم به ويتمناه كل شاب وشابة، فيتم تسليط الضَّوء على جوانب إيجابية معينة وإغفال أخرى قد تكون سلبية إن تمت الإضاءة عليها لن يحقِّق ذاك النموذج الهدف المطلوب منه، مع العلم أنه ومن باب المصداقية الإعلامية يتم نشر وتسليط الضَّوء على بعض النَّماذج التي تقدم خدماتٍ كبيرةً للقضايا الإنسانية كبعض الممثلين/ات العالميين/ات إلا أن نشر مثل هذه الأخبار يتم العمل عليه بحيث لا يأخذ إلاّ بعض الوقت، ليكون كفقاعةٍ تم تداولها لحظاتٍ ثم تختفي كأنها لم تكن، بينما يبقى أثر غيرها أكبر وأعمق ما يؤكِّد أن أهدافاً معينةً يتم العمل والتَّركيز عليها بشكلٍ جاد وبجهودٍ كبيرة، حتى يتمكن من أن يؤتي بنتائجه على الشَّكل المطلوب…
من الطَّبيعي أن تتحوَّل الشَّخصيات العامَّة لملكيةٍ جماعيةٍ عامَّة، وأن تصبح مثالاً يحتذى، وإلاّ ما فائدة ما قدَّمته خلال عملها على مدى سنوات طويلة..؟؟ وهذا ليس بمشكلة، إنما المشكلة تقبع في مدى ترك أنفسنا عرضةً للتأثُّر المبالغ فيه وعدم تقبُّل الرَّأي الآخر الذي يعرض بعضاً من سلبيات تلك النَّماذج ومعارضته واتهامه بشتى الاتهامات، وليس أقلها الغيرة منها أو التَّقليل من قيمتها ومن أهمية ما تقدِّمه، ليتحوِّل وفي كثيرٍ من الأحيان مجرَّد طرح نقاش حولها إلى اقتتالٍ أو خصامٍ أو ربما حربٍ غير معلنة، بين الأطراف المؤيدة والمعارضة لها، وللأسف هذا حال واقعنا في مجتمعاتنا التي اعتادت التَّلقي لكل ما يقدَّم لها دون محاولة التَّفكير وإعمال العقل فيما وراء الأكمة…
لشركات الإنتاج والدِّعاية والتَّسويق ولوسائل الاتصال كلُّ الحق في آليات عملها وبالتَّالي تحقيــــــــــــــق أهدافها، إنما أيضاً نحن ـ جيــــــــــــل الشَّــــــــــباب..ـ من يجب أن يكون لنا الحق وعلينا واجب الانتقاء المدروس والمنطقي للنَّماذج التي تستحق أن تحرِّض فينا حلماً نتمنى أن نحققه.
أما على صعيد الحكومات فمن واجبها تجاه رعاياها العمل على الاهتمام بالأجيال الشَّابة منعاً لتركها عرضةً لكلِّ من يعمل على تشويهها والتَّقليل من أهمية وقيمة ما يمكن لها أن تفعله فيما لو أتيح لها المجال الحي والفعَّال والحقيقي.
إيناس ونوس

أزمة البشرية
أزمة إرادة وليست أزمة معرفة!

لعلّ الحروب في سورية وعدد من البلدان العربية أثبتت أن الاستثمار في الذات أهم من الاستثمار بما هو خارجها، بمعنى تعلّم لغات أو حِرَفْ أو مهارات واكتساب معارف هو الأبقى، فلا أحد يستطيع سرقة مهاراتك ومعارفك، ولا أحد يستطيع تقويضها.
وإذا أردنا الحديث عن القراءة والتعلّم والارتقاء بالمعارف ومراكمتها، فهي السبيل الذي اتفق عليه الكثير من الفلاسفة والعلماء لخلاص البشرية من جلِّ مشكلاتها، لكن ما لم ينتبه إليه الفلاسفة والعلماء باعتقادي أن وصول البشرية إلى درجة معيّنة من الموضوعية والوعي هو ليس على سبيل السيرورة بل هو صيرورة، بمعنى أنه يصير كياناً آخر أعلى.
نحن كثيراً ما نصنف الطيور بناءً على ما يتجلى من الفوارق في شيفرتها الوراثية، فلا ننظر ونتعامل مع الّلقلق كما ننظر ونتعامل مع العصفور. ولكون العقل هو العامل الحاسم في تميّز الإنسان عن الحيوان، فإن تفعيل آليات عمله وتمكينه من أداء وظيفته على النحو الأمثل هو تحقيق للكائن الإنساني الذي أزعم أن ولادته عقلية، بينما الجميع يولد بشراً عبر الولادة التقليدية، أي أن الكائن البشري، بزعمي، هو أشبه بالدودة التي تمتلك خيار التحوّل إلى فراشة رشيقة وجميلة ولكنها ليست فراشة، ولا نستطيع معاملتها معاملة الفراشة، كأن نرفعها إلى ذُرا المجتمعات الحديثة ونلقي بها على أزهار الديمقراطية مثلاً.
لو أدركنا جوهر الفارق لما وقعنا في التناقضات التي نعاني منها اليوم، فإغاثة المتضررين من الحروب والكوارث هي عمل إنساني، والربا والمجازر الجماعية وتطوير الفيروسات هي عمل إنساني أيضاً، فلا كائن يمارسها سوى الإنسان، وبالتالي لا يمكن تسميتها إلاّ بالأعمال الإنسانية. أما إذا طبّقنا المبدأ الذي أنادي به فسيصبح لدينا أعمال بشرية وأعمال إنسانية.
وإذا انتقلنا للحديث عن تاريخ نشر المعارف ومحو الأمية، نجد أن هذه المسائل انتشرت بكثرة عند دخولنا عصر الآلة، أي أن الرأسمالية الناشئة ربما هي من ساهم بشكل كبير، أو بمعنى أدق، قادت تأهيل الإنسان وتعليمه إلى حدٍّ ما كي تُستكمل به الآلة، وكي لا يشكل جهله خطراً عليها أو يجعلها خطراً عليه كعامل يمضي جلَّ نهاره معها. ومازال النظام العالمي الذي تتحكم الرأسمالية والقوى ذات المطامح الامبريالية بمفاصله يسعى لتأهيل الأفراد ضمن اختصاصات متنوعة لتلبية متطلبات العمل.
واليوم، المطلوب من الشعوب العربية والإفريقية امتلاك الكفاءة لاستخدام التكنولوجيا، لأن سوق التكنولوجيا يتسع، وفيه استثمارات هائلة، وهم بحاجة المقاربة بين كفتي العرض والطلب. لكن النهج العام والسياسة العميقة للرأسمالية العالمية التي تُعزز العولمة بمنحاها السلبي، وهو تحويل كل شيء إلى قيمة استعماليه قابلة للتداول ومُباحة للجميع، وتَشكُّل الأخلاق والقيم والمبادئ، والتعلّق بالتراث وإحياء المنتجات المحلية تراثية الطابع، تشكّل عوائق وقيود. أما سيرورة المنظومة الرأسمالية العالمية فمرامها تشييء الإنسان، أي أن مآلات الأمور إلى الرجعية ونكسة تُصيب جوهر الحضارات الإنسانية. وإذا أردنا شاهداً، فحال معظم الدول الإفريقية على ما هو عليه منذ زمن العبيد حتى اليوم، فقد أوجدت القيادات الأوربية وسائل سَوق الإفريقي بالأغلال، وجَلده حتى يعمل لخدمة مصالحهم، لكن النتيجة واحدة: إفريقيا بائسة جائعة مريضة منهكة رغم أنها أرض الخيرات والرجال الأشداء، بينما أوربا العجوز، التي تفتقر الكثير من دولها إلى الطاقات البشرية الشّابة، والموارد الطبيعية والزراعية فيها بسيطة مقارنة بإفريقيا، ما زالت تنعم بأفضل الخيرات ويمرض سكانها بالنقرس وتغتال السُّمنة أعمارهم.
سامر منصور

الشهرة تُبرر الجريمة! كان عنوان ألبومها الغنائي حديث الشارع والكل يتهمها بالجنون، بعد مسيرة فنية تُقيم بالجيدة وفقاَ للجيل الحالي، كيف تتبنى مثل هذا الاسم!
أخذت الأحاديث تطول وتطول حتى كُتب لنا أن نعرف التفاصيل..
وهنا كانت القضية، فالاسم كان من وحي أغنية تضمنت قصة شخصية وحادثة صحية مرت بها تلك الفنانة، لتنقلب الأمور لصالحها وتكسب التأييد والدعم والحب كذلك الحزن على تعب ومرض أنهكها ولم تُصرح إلا بعد الشفاء.
سرطان الثدي دق ناقوس الموت عند هذه الفنانة وعرضت تجربة التغلب عليه أمام جمهورها،
كم من السنوات والحملات التوعوية انطلق؟!
كم مرة سمعنــــا عــــــن أهمية الفحــــص المُبكــر؟! لكن لم يكن الصدى يُسمع كما انتفض عدد لايُستهان به من النساء حول هذا الموضوع وسارعن للفحص.
بغض النظر عن المرض، الفنانة والحدث المحور الملفت في القضية هو تأثير النجوم والشخصيات البارزة على حياتنا، حتى باتت الشركات تعتمدهم كوجوه دعاية وإعلان لمنتجاتها، فهي قد حظيت بسر النجاح
يكفي أن تنتقي الوجه الأكثر رواجاَ حتى تتضاعف المرابح.
معادلة تجارية جيدة ومُربحة لكن وبصيغة سؤال كيميائي
ماذا عن تفاعل الشباب مع هذا؟
أيّ المركبات (المصائب) سيُنتج هذا التفاعل؟
هل سنحصل على نتائج مقبولة دون انفجارات تشوه الجيل؟
ببساطة وتبعاً لرأيي الشخصي بعد مراقبة جيلي والمحيط من حولي وجدت أننا قد لحقنا الركب واستنزفنا كل القدرات للحاق به دون الرجوع إلى نتائج ما صنعت أيدينا.
أُعطينا الإذن حتى نكون أشخاصاً لا نُقاوم بريق العالم، تعني لنا المظاهر ونُباهي بالقشور.
اليوم اتخذنا القدوة ممن لا نعرف عنهم إلا ابتسامة قد دُفع لهم ثمنها.
عمر الكثير من الشباب صار مرتبطاً بشخص معين اطلقنا عليه تسميات معينة، خلقته الفرصة أو برامج الدعاية والشهرة.
ماذا لو حمل هذا الإنسان المشهور تاريخاً حافلاً بالجريمة (اغتصاب، تحرش، إدمان)، كيف يكون قدوة لجيل؟
حالة قديمة صادفتنا عن كشف فنان برذيلة يرفضها الدين الأخلاق والعرف، لكن شعبيته كانت طاغية حتى تنام القضية ونبرر أنها كذبة وما أراد مؤلفها إلا دمار شعبية الفنان وضربنا بالدلائل عرض الحائط
تسرقنا أضواء الشهرة ونسمع ما نُريد.
النقاش يطول والأمثلة كثيرة لكن الفكرة الجوهرية في مجموعة قضايا طرحناها تعود لتتمحور عند نقطة جوهرية بكوننا (لبسنا قشور الحضارة والروح الجاهلية)
غزل حسين المصطفى

العدد 1105 - 01/5/2024