الانتحار في العالم

الانتحار هو عمل من الأعمال التى تتسبب عمداً في قتل المرء لنفسه. غالباً ما يكون الانتحار مبرراً لخروج المرء من اليأس، وكثيراً ما يعزى السبب لمثل هذا الفعل إلى اضطراب عقلي كالاكتئاب، اضطراب الوجدان الثنائي القطب، انفصام الشخصية، اضطراب الشخصية الحدية، الإدمان على الكحول، أو تعاطي المخدرات، عوامل الضغوط النفسية مثل الصعوبات المالية أو المشاكل التي تشمل العلاقة بين الأشخاص غالبا ما تلعب دوراً في ذلك.وتشمل الجهود المبذولة لمنع الانتحار تقييد الوصول إلى الأسلحة النارية، وعلاج الأمراض العقلية أو إساءة استعمال المخدرات، وتحسين التنمية الاقتصادية. على الرغم من أن خطوط الأزمة الساخنة هى شائعة بالرغم أن هناك القليل من الأدلة على فعاليتها.

الأساليب الأكثر شيوعاً للانتحار تختلف حسب البلد وترتبط جزئياً بمدى توافر تلك الأساليب. وتشمل الطرق الشائعة: الشنق، التسمم بالمبيدات، والأسلحة النارية. ويقدر بأن ما بين 800 ألف إلى مليون شخص يموتون في العالم كل عام بسبب الانتحار، مما يجعله من أكثر 10 أسباب للوفاة في العالم. المعدلات أعلى في الرجال عنهم في النساء، مع الذكور 3-4 مرات أكثر عرضة لقتل أنفسهم أكثر من الإناث. هناك ما يقدر من 10-20 مليون محاولات انتحار غير مميتة كل عام، المحاولات هي أكثر شيوعاً، لدى الشباب والإناث.

يرتبط الانتحار بالعزلة الاجتماعية والأشخاص الذين يعيشون بمفردهم أو المطلقين أو الأرامل. ويزداد الانتحار في حال وجود قصة عائلية للانتحار أو انتحار صديق أو محاولته للانتحار. وأيضاً في حال وجود اضطراب سلوكي عند المراهقين، واستعمال المواد الإدمانية والكحول، ووجود تاريخ من الإيذاء الجسدي أو الجنسي أو النفسي.ويرتبط الانتحار بالطبقات الاجتماعية المتدنية بنسب مشابهة للطبقات الاجتماعية العليا، ويقل في الطبقات الاجتماعية المتوسطة، ويتبين ذلك من خلال (المهن الموازية لهذه الطبقات).

وفي المهن الطبية يزداد عدم التوافق الزوجي والطلاق وأيضاً الاكتئاب.وتبلغ نسبة الانتحار أعلاها في الأطباء اختصاصيي التخدير، ثم يليهم أطباء العيون ثم الأطباء النفسيون. وتتعدد تفسيرات ذلك ومنها أنه ربما يكون النصيب الأقل الذي يحظى به طبيب التخدير مقارنة مع الطبيب الجراح من حيث التقدير والمكافأة بمختلف الأشكال في العمليات الجراحية الناجحة، إضافة إلى تحمله للعبء الأكبر في العمليات الفاشلة. وفي تفسيرات أخرى أن المواد المستعملة في التخدير ربما تزيد في نسبة الاكتئاب عند ممارسي التخدير.

كما يرتبط الانتحار بالبطالة عن العمل في الفترة الأولى منها وبعد سنوات منها.ويزداد في أجهزة الشرطة والمهن العسكرية. كما يرتبط الانتحار بحالات الفقدان في مرحلة المراهقة والرشد كما في المشكلات العاطفية وحالات انتهاء العلاقة أو الطلاق.وأيضاً يرتبط بالمشكلات الأسرية المزمنة، وفقدان العمل أو خسارة مالية أو مرض جسمي خطير. يزداد الانتحار في الولايات المتحدة الأمريكية في المناطق الريفية أكثر من المدينة، وعند البروتستانت أكثر من الكاثوليك واليهود. كما يزداد في دول البلطيق والدول الإسكندينافية، ويرتبط بنقص ظهور الشمس.ويزداد في الأماكن المرتفعة عن سطح البحر ربما لنقص الأوكسجين مع عوامل اكتئابية. وربما يرتبط الانتحار بنقص الكولسترول في الدم، ويقل عند البدينين. ومن العوامل التي تلعب دوراً وقائياً من الانتحار الارتباط بالدين والتدين، كما يلعب التدين دوراً إيجابياً في الاكتئاب وفي الإدمانات المتنوعة، وربما له دور إيجابي في الاضطرابات الناتجة عن الشدة النفسية وحالات الخرف. ومن العوامل الأخرى التي تلعب دوراً وقائياً من الانتحار زيادة الثقة بالنفس، ووجود عامل الضبط الداخلي.

هناك دلائل أكيدة على أن علاج الاكتئاب والإدمان على الكحول والمواد الإدمانية يمكن أن يخفف من معدلات الانتحار، وكذلك متابعة حالات محاولات الانتحار طبياً واجتماعياً.وتتلخص المشكلات المتعلقة بالوقاية من الانتحار بنقص الوعي والكتمان وعدم مناقشة موضوع الانتحار في عديد من المجتمعات، كما أن مصداقية تسجيل الحالات والإخبار عنها يحتاج إلى تطوير فعال.ومن الواضح أن المساهمة في الوقاية من الانتحار يتطلب جهوداً من خارج القطاع الصحي، ويتطلب جهوداً خلاقة وتعاوناً بين عدة قطاعات صحية وغير صحية مثل التربية والتعليم، أوساط العمل، الشرطة، القضاء، الدين، القانون، السياسة، والإعلام. وأخيراً، لابد من ضرورة البحث في قضايا الانتحار في بيئتنا العربية والإسلامية ومعرفة التفاصيل الخاصة والمشكلات التي ترتبط بالانتحار، ولابد من التأكيد على أهمية الوعي النفسي وتطويره، فالدراسات والأبحاث تؤكد أن العلاج الدوائي والنفسي يفيد في الوقاية من الانتحار.

العدد 1105 - 01/5/2024