في اليوم الدولي للقضاء على الفقر.. لقمة الشعب السوري مغمسة بالدم

تهامة الدعبل:

(حيثما حُكِم على الرجال والنساء بالفقر المدقع تُنتَهك حقوق الإنسان، إنَّ العمل معاً لضمان احترام هذه الحقوق واجبنا الرسمي).

هذا ما كُتِبَ على النصب التذكاري الذي كُشِف الستار عنه في باريس 17 تشرين الأول (أكتوبر) 1987 حين خرج مئات الآلاف من الناس لتكريم ضحايا الفقر والعنف والتضامن معهم، وحُدِّد ذلك اليوم كيوم دولي للقضاء على الفقر، وما زال الناس يخرجون في اليوم نفسه من كل عام لتجديد تضامنهم، ولو بحثت ستجد أنَّ هذا النصب التذكاري قد نُسخ عنه ما يقارب 53 نسخة موزعةً حول العالم.

نعم، العالم كله يُندّد بالفقر ويطالب بأبسط حقوق الإنسانية، ولكن أين هو الشعب السوري من هذا كله؟ فبعد اثنتي عشرة سنةً حملت معها ما حملته من دمار، وتدهور في البنية التحتية، وصراع، وانهيار اقتصادي، قد صار بإمكاننا القول إن لقمة الشعب السوري ليست فقط مغمسة بالدم، بل إنه يغوص بالدم حتى نحره باحثاً عن لقمة عيشه، ولا مبالغة في هذا؛ فقد أوضحت آخر إحصائية أن 93% من الشعب السوري يعيش تحت خط الفقر، وتبلغ نسبة الأغنياء – أو الحيتان إن صح التعبير – 5 إلى 6%، في حين أن الطبقة المتوسطة قد انعدم وجودها تقريباً، وباتت سورية تتصدر قائمة أكثر الدول فقراً وأسوئها معيشةً بنسبة 82.5% (ذلك وفقاً لموقع world by mab)، والوضع من سيئ إلى أسوأ، فإن لم يكن هناك حل جذري ملموس على أرض الواقع، فمن المتوقع أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي لسورية بنسبة 2.6% في نهاية عام 2022.

وهذا، مع الأسف، حال طبيعي في بلد يبلغ فيها متوسط الرواتب 150_ 200 ألف ليرة سورية للفرد، في حين أن متوسط تكاليف الأسرة السورية المكونة من 5 أشخاص يبلغ 3.5 ملايين ليرة سورية، بمعنى أنه لو عمل أفراد الأسرة كلهم في أحسن الأحوال فلن يكفيهم هذا المردود لتأمين أبسط احتياجاتهم، في ظلِّ ارتفاع خياليٍّ في أسعار المواد الغذائية الأساسية كالألبان والأجبان واللحوم التي باتت حلماً من أحلام المواطن السوري، وأسعار المحروقات وغيرها من المواد الأساسية.

وما زلنا فيما سبق نتحدث عن الطعام والشراب فقط ولم نتطرّق بعد للحديث عن الفواتير، وإيجارات المنازل، وتكاليف الدراسة والمواصلات، والملابس، التي باتت تُعَدُّ من الكماليات، أما  من لديه طفل رضيع فحدّث ولا حرج.

ولا نجد رجال الحكومة السورية يُطلّون إلاّ بتصريحات أقلُّ ما يمكن وصفها بالمُستفزّة، وبحجج ومسوّغات سئم المواطنون سماعها، فهم يريدون حلولاً حقيقية ملموسة بصرف النظر عن الأسباب أيَّاً كانت، فالمواطن السوري لا يهمّه أثر الحرب الروسية الأوكرانية في الاقتصاد السوري، ولا يريد أن يسمع شيئاً عن العقوبات أو كورونا أو غيره، احتفظوا بهذه المسوغات لأنفسكم وقدِّموا لنا الحلول فقط، فنحن لا ننادي إلّا بالحصول على لقمة عيشنا بكرامة، فهل من مُجيب؟!

العدد 1105 - 01/5/2024