فقر أم سوء تدبير؟

ريم داوود:

نوصف بشكل مستمر وعند أي تقييم أو اتفاق أو معاهدة على أننا دول عالم ثالث، لكن هل سبق لنا أن تبحّرنا بهذا المصطلح؟ هل خطر في بالنا البحث عن معنى هذه العبارة؟

يُقصد ببلدان العالم الثالث، الذي هو مصطلح سياسي اقتصادي علمي واجتماعي، يقصد به الدلالة على الدول التي لا تنتمي للعالمين الأول والثاني، أي الدول الصناعية المتقدمة، ونجدهم ينعتون هذه الدول بصفة النامية، التي تدلُّ على المستوى المعيشي المنخفض الذي يعانيه سكان هذه الدول مقارنة بنظيراتها المتقدمة، حتى إن الدول النامية تُعدُّ دولاً فقيرة ذات دخل محدود يعاني أغلب سكّانها من تدهور الحياة الاقتصادية، الاجتماعية، الثقافية، التعليمية والصحية.

  • الفقر وغياب العدالة الاجتماعية:

إن قضية الفقر وغياب المساواة ليست بجديدة ولا حديثة العهد، بل هي نتيجة إقصاء وعنف صامت ومتواصل تجاه شريحة كبيرة من الأفراد.

فعلى مرَ العصور والأزمنة عانى العالم أجمع من الأوبئة والحروب الطاحنة التي حصدت أعداداً هائلة من الأرواح، لكنها لم تُقسّم يوماً المجتمعات بل دفعت بهم نحو الاتحاد والترابط لمواجهة المخاطر إلى أن غزا كوفيد ١٩ العالم برمته كاشفاً معرّياً ومُسلّطاً الضوء على فجوات وإخفاقات نظم الحماية الاجتماعية، فضلاً عن غياب المساواة والعدالة مع التمييز الذي عزّز وعمّق مفهوم الفقر، أضف إلى ذلك الصراعات والنزاعات التي رسّخت وضاعفت معدّلات الفقر داخل المجتمع، فنحن لانزال نعارك المجهول منذ أكثر من عشر سنوات، باسطين أكفَّنا مُشرّعين أبوابنا لكل أشكال الفقر الاقتصادي، الثقافي، الصحي والتعليمي معلنين انهيار المجتمع شئنا أم أبينا.

إننا وبكل أسف نواجه اليوم فقراً مركّباً أساسه الفقر المادي لكن آثاره طالت جوانب الحياة كافة، فمعظم أطفالنا اليوم من طلاب المدارس هم في عداد المتسربين خارج الحقل التعليمي نتيجة لتردي الوضع الاقتصادي، أو لكون هؤلاء الأطفال مُعيلي أسر بالضرورة. والجدير بالذكر أن الفقر هو السبب الرئيسي والمؤدي نحو الجمود وتأخّر التقدم والتطور أي بلد، لذلك يجب علينا حكومةً وشعباً وضع الحلول الناجعة للخروج من هذه الأزمة التي أضحت آفة مجتمعية كسرت كل قواعد الاستقرار والأمن الاقتصادي للمواطن والدولة، مُشكّلة رعباً حقيقياً وذعراً غير مسبوق، فمن المؤسف أن يكون خيار الشباب السوري وحلم أطفاله هو السفر خارج الوطن وتحقيق أهدافه خارج حدود بلده، لسبب واحد هو ضمان حياة كريمة رغيدة مستقرة لا فقر فيها ولا حرمان.

العدد 1105 - 01/5/2024