الأول من أيار.. بنكهة مختلفة

إيناس ونوس:

بين عامي 1886 – 1904 عانى عمَّال العالم في بلدانٍ عدَّةٍ الويلات حتى وصلوا لأن يغدو الأول من أيار عيداً يحتفل به العالم أجمع مُشيداً بمساهمتهم في نموِّ بلدانهم، ومُذكِّراً بأهمية أن يحصل العامل على جميع حقوقه كي يتمكّن من أن يقوم بالمهام الموكلة إليه على أكمل وجه.

ولأنَّ أيَّ عملٍ مهما كان جماعياً لن يؤتي ثماره إن لم يكن منظَّماً، كان من الضَّرورة أن تتأسَّس النَّقابات، فكان بداية الأمر أن تشكلت نقاباتٌ منفردةٌ تُعنى كلٌّ منها بمصالح عمال مصلحةٍ أو مهنةٍ مُعيّنة،                                                                                                              ثم جرى تنسيق العمل بين تلك النقابات لاحقاً ويؤسَّس اتحاد نقابات العمال الذي يضمُّ جميع النقابات معاً، فيكون هو المسؤول الأول والأخير عن تحقيق مصالح جميع العمال مطالباً بحقوقهم، مسانداً لهم أمام أي ظلمٍ أو اضطهادٍ قد يلحق بهم.

ومثل كلِّ عمال العالم، كان للعامل السوري نصيبه من المعاناة حتى وصل إلى بعضٍ حقوقه على مدار سنواتٍ وسنوات، غير أن تلك الحقوق نراها تتناقص شيئاً فشيئاً حتى تكاد تكون شبه ملموسة، لهذا، وفي كل عام، نُعيد ونكرِّر بأعلى الأصوات مطالباتنا بأن يصل عمالنا إلى حقوقهم المسلوبة فيعيشوا حياةً تليق بهم وبأسرهم، غير أن لمطالبنا في هذا العام تحديداً شكلاً آخر يختلف عمّا سبق، لا سيما أن أسلوب العمل اختلف كثيراً عن السابق، وبالتالي فإن غالبية شروط العمل اختلفت، وكذلك مقوماته، فقد وُجِدَتْ مصالح وأعمال لم تكن موجودة سابقاً، واندثرت أخرى، فيما تعاني أعمالٌ معهودةٌ العديد من المشاكل، وعلى هذا، فإننا نطالب بالآتي:

_ إيجاد قانون عملٍ معاصرٍ يحمي حقوق جميع العمال بمختلف المهن والأعمال الموجودة اليوم على أرض الواقع، لا على الورق القديم المهترئ.

_ العمل على إعادة هيكلة النقابات بشكلٍ يجعلها تقوم بدورها المنوط بها، لا أن تبقى على حالها الراهن العدو الأول لكلِّ عاملٍ أو موظفٍ، وتأسيس نقاباتٍ جديدةً لتلك المهن التي برزت اليوم في الشَّارع السُّوري بدل أن تبقى مرتعاً لكل من يمتلك سطوةً أو جاهاً ليتحكّم بها وبمن يعمل فيها.

_ ضمان أن تكون شروط العمل إنسانيةً، سواء من حيث ساعات العمل، أو أجره بحيث يتوافق مع الوضع الاقتصادي والمعيشي الحالي والمتردي بشكلٍ لم يسبق الوصول إليه (في القطاع العام وفي القطاع الخاص على حدٍّ سواء)، والسعي لأن ينتهي زمن العمل بثلاث أو أربعة أعمال في اليوم الواحد كي يستطيع الشخص تأمين متطلبات معيشة أسرته اليومية.

_ حماية العمال والموظفين من كلا الجنسين من التّعرض لشتى أنواع العنف القائم عليهم من قبل أرباب العمل حماية كاملة غير منقوصة أو مشروطة.

_ ضمان حقوق أبناء العاملين/ات والموظفين/ات صغار السن بالرعاية والاهتمام في ظلّ ارتفاع أجور دور الحضانة ورياض الأطفال بما لا يتناسب مع الأجور والرواتب.

_ فتح سقف الأجور والرواتب وإبقاؤه مفتوحاً طيلة حياة الإنسان المهنية والوظيفية.

_ حماية حقوق المتقاعدين من خلال ضمان تأمين صحي واجتماعي لهم بعد أن قضوا سني شبابهم في العمل وباتوا بأمسّ الحاجة للسكن أو الدواء والغذاء، إن لم نقل الترفيه بعد أن مضى العمر في العمل والعطاء.

هذه بعض مطالبنا، تكريماً لكلِّ إنسانٍ شريفٍ ساهم ولا يزال في بقاء هذه البلاد تقف في مواجهة الموت اليومي، فهل تحقيقها حلمٌ أو من الممكن أن يغدو حقيقةً معيشة؟؟

العدد 1105 - 01/5/2024