الحاجة دافع كامن وراء معظم الجرائم

وعد حسون نصر:

الحاجة هي الدافع الكامن وراء معظم الجرائم، وخاصة في الآونة الأخيرة مع انتشار البطالة والارتفاع الكبير في الأسعار وخاصة في إيجار المنازل والمحال التجارية كما في أجور النقل. ولا ننسى أن معظم المواد الأساسية ارتفعت أسعارها لاسيما المواد الغذائية، وهنا يصبح الجوع كافراً لا يرحم، ما يدفع بالبعض ممّن تسوّل لهم أنفسهم ارتكاب الجريمة إلى السرقة تحت ذريعة الحاجة. كما أن الوحدة وعدم الانشغال بأشياء مفيدة يدفع بالعقل للتفكير بالكثير من الأفكار السلبية غير المتزنة، وهذه الحالة تجعل بعض المراهقين في حالة فوضى في التفكير والضياع، فقد يلجأ البعض للانتحار أو الانتقام لنفسه بقتل أحد أقرانه لأسباب قد تكون غاية في التفاهة لمجرّد إثبات ذاته أمام نفسه والآخرين. كما أن السلاح المنتشر بيد الغالبية وخاصة الشباب خلال الأزمة جعل البعض يستخدمه بالوقت الخطأ والوقت غير المناسب لدرجة أننا بتنا نلاحظ أن البعض يشهر سلاحه بوجه خصمه في مشاجرة بسيطة ونتيجة الرعونة قد يطلق النار بشكل مباشر فيتسبب بقتل روح. وربما تنتج الجريمة عن الطمع بممتلكات الآخرين والرغبة بالحصول على كل شيء بدافع الأنانية والغيرة والحقد، ولا ننسى أن الكثير منّا ونتيجة التربية الخاطئة والبيئة غير الواعية ينشأ وفي داخله روح إجرامية، فيقتل لمجرد القتل والتلذّذ بمنظر الدم ورائحته. لا ننسى تأثير وسائل الإعلام وخاصة على جيل المراهقين، إذ يتبنى البعض منهم شخصية البطل وخاصة في أفلام العنف والخيال لدرجة أن تصبح هذه الشخصية هي المتحكّم فيه تدفعه أحياناً للقتل تحت تأثيرها ليجعل من نفسه بطلاً.

أسباب كثيرة جعلت مجتمعنا يغرق في بحور الجريمة، وكانت الحصة الأكبر للوضع الاقتصادي وعجز الجهات المسؤولة عن وضع أساسيات لتحسين الوضع المعيشي للمواطنين، وخاصة جيل الشباب الضائع في حزمة من الأحلام والطموحات المقتولة على أرض الواقع، فمن الطبيعي أن من وجد نفسه بلا منزل ولا عمل ولا حتى دراسة ومحاطاً بجملة من الإحباطات وشح الفرص ما يدفعه ليصبح مجرماً بسبب الضغوط والعجز عن تجاوزها.

لذلك، على المعنيين بالأمر وخاصة وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل أن تساهم في توفير فرص عمل للشباب العاطل ليتمكّن من سدّ حاجته على الأقل، أيضا العمل على ترميم ما شوهته الحرب بنفوس الكثير ممّن كان منظر الدم والقتل أمامهم قوتهم اليومي، والعمل الأكبر يجب أن يكون على بناء الإنسان فينا بالإنسانية المقدسة لأننا عندما نبني إنساناً ونكلّله بالإنسانية، فمن الطبيعي أن نحرره عندئذٍ من روح الشر ونكسبه قلباً وروحاً تتحلى بالشفافية بعيداً عن الإجرام. ولكي نبني إنساناً علينا أن نحيطه بالبيئة المناسبة ونوفر له أقلّ حاجاته من عمل وتعليم ولباس ومسكن، والأهم الأهم هو العمل الذي من خلاله يستطيع أن يصنع منه ذاته ويوفر مستلزماته، فعند انشغالنا بالمفيد نبتعد عن كل ما يجعلنا أشراراً من دون دراية أو تفكير.

العدد 1104 - 24/4/2024