الخلاف لا يفسد للود قضية

غزل حسين المصطفى: 

محاضرة النثر الأندلسي/ مناظرة السيف والقلم
كان مجمل الحديث لسطور عدّة قرأتها وتقول إن كلّ واحد منهما أراد أن يُظهر للآخر أهميته وتفوقه ولزوم أن يكون هو المُسيطر والمُتحكّم.
يطول الحديث بينهما والدلائل والبراهين تُشهر إلى أن يصلا إلى نقطة اتفاق تقوم على أهمية وجود كليهما في الرياسة.
على الرغم من كون المناظرة كانت تحمل رسائل ورموزاً مُبطّنة لحالة سياسية كانت سائدة آنذاك، إلاّ أنها قادتني للتفكير في نقطة معينة: هل هي حالة صحيّة أن نلتزم بالطاعة المُطلقة ونُسلّم لطرف دون آخر ونهمل حالة المبارزة؟
كيف سيُدرك طرفٌ ما أهمية وجوده ومدى سلطانه وقساوة عتاده إن لم يَخُضْ حرباً ضروس يَسكر بعدها بنخب نصره.
بعبارات أبسط، لو أن المال بحوزة الجميع نقطفه من الأشجار أو تُرسله لنا مياه الأمطار،
كيف كان لمُجدٍّ يواصل ليله بنهاره أن يشعر بتميّزه عن ذلك الذي لا ينفك يبرح فراشه إلاّ لوليمة أو لرحلة تسول!؟ كانت الأشياء ستفقد معناها وطعمها.
كذلك نحن اليوم، لا يكون النقاش مهماً بالنسبة لنا ومفيداً إلاّ إن واجهنا خصماً قوياً أدركنا من بعد نزاله ما نملكه من فكر ومعلومات أنقذت الموقف وأنصفت المبدأ (وبضدّها تتميّز الأشياء).
وما النفع؟
انطلاقاً من المناظرة التي قرأت، كان لاختلاف الطرفين وقوّتهما حالة إيجابية ستنعكس على قوة الدولة التي اجتمع فيها الطرفان لتقوم عليهما أركان الدولة، فواحدٌ يحمي ويبني بالقوة، وآخر بالعلم.
فإن أسقطنا هذه الأفكار على واقعنا لوجدنا أن الموسيقا لا تكفي وحدها للبناء، وكذلك العلم، فنحن بحاجة إلى جميع الأطراف. وحتى في الطرف الواحد نحن نستجمع تلك الآراء الجديدة ووجهات النظر الخلّاقة، لأنه ليس من المعقول أن نواظب على سبيل واحد نسلكه طوال الرحلة وندور في الحلقة ذاتها.
فالخلاف والاختلاف لا يفسد للودِّ قضية، بل يُكسب الأمور حلّة جديدة تنعكس إيجاباً على الجميع لنبني الأفراد أولاً والمجتمع ثانياً.

العدد 1105 - 01/5/2024