التعليم المفتوح على المحك

غزل حسين المصطفى: 

أنثى ثلاثينية وأمّ لطفل، منعتها ظروف الحياة من إكمال تعليمها الذي اقتصر على الشهادة الثانوية الحُرّة.

شغفها بالعلم بقي ينبض بين ضلوعها، فظلت تبحث عن سبيل تروي منه عطشها للعلم. وبعد سنوات عدّة كان التعليم المفتوح سبيلها الوحيد لما فيه من التزامات أقل عن التعليم العام أو الموازي (هكذا كانت الصورة) فالحياة العملية تُمسكها من عدة جوانب بالتزامات زوجية ومجتمعية تمنعها عن أيّ تفاصيل أخرى.

وبعد أن خاضت غمار الدراسة كان الالتزام أقلّ من حيث الدوام، كمية المقرر، ولكن مادياً، الوضع قد لا يكون مقبولاً لفئة لجأت لهذا السبيل لتُحصّل علماً وتحوز شهادة أكاديمية.

وعلى المحك وضعنا التعليم المفتوح، فردنا سجلات النقاش ما بين مجموعة أطراف لكلٍّ منها رأي يوافق مصلحته كلياً.

فطالب التعليم العام يرى طلاب التعليم المفتوح على أنهم أنداد له تخفّفوا من العبء الدراسي بقروشهم، وفي ساحة التوظيف سيبارزونه مُستميتين بشهادة يراها منقوصة أمام مُقرراته، وقد تحمل مُعدلاً يكون السلاح الأخطر في المعركة.

يقول طالب تعليم عام: هل تُنصفنا الفرص؟

وزارة التعليم العالي التي تفتح المجال اليوم للجامعات الخاصة.. التعليم الموازي.. المفتوح والافتراضي، ربما ترى في ذلك إتاحة لفرص التعليم أمام الجميع بشروط مختلفة!

ولكن هل يرى طالب التعليم المفتوح أنه قد غنم بشيء لم يظفر به طالب آخر؟

تقول صديقتي: من قال إن العبء المادي سهل؟ من قال أن تدرس وتتعب في سبيل شهادة وأنت ترى كل العثرات تقف أمامك شاخصة، تُحارب لتتجاوزها، وفي نهاية الرحلة قد يصدمك قرار يجعل من شهادتك الجامعية مجرّد شهادة لا تخولك الانغماس في ميادين العمل، لا نطالب الالتزام بالخريجين، ولكن في الوقت ذاته ألاّ نكون استثناءً من المسابقات! (في إشارة إلى قرار وزارة التربية).

أليس هذا ظلماً بحقنا!؟ فلنُعامل إذاً معاملة خريج المعهد على الأقل، لا أن تُنسف سنوات تعبنا دون أيّ تفكير!

أنا طالبة رياض أطفال، قد أفتح مشروعي الخاص لأجعل لنفسي كياناً خاصاً، ولكن، ماذا عن غيري؟

ألا تكفينا الفجوة ما بين الخريج وسوق العمل، بين الخريج والواقع العملي والاجتماعي، بين الخريج ومتطلبات الحياة، فتأتي مثل تلك القرارات المفاجئة وتزيد الأمور تعقيداً؟!

ما الغاية من الموضوع؟ هل طالب التعليم المفتوح هو المشكلة الوحيدة في المسابقات وسوق العمل؟

غصّة أكلت صوتها فأنهت الحديث، ربما لما تحمله من حب حقيقي لتعزيز كيانها وحضورها في المجتمع، وكيف لا يكون هذا وهي التي عادت إلى المقاعد الدراسية بعد أعوام طوال؟

قد يكون في حديثنا بعضٌّ من الحق، لكن برأيي مهما كانت نقاشاتنا مثمرة واجتمعنا على رأي واحد، فإن لم تصل الوزارات عموماً ووزارة التعليم العالي خاصّة إلى ماهية الأمور بحقيقتها، فكل نقاش ستمحوه الساعات ويطويه النسيان!

العدد 1104 - 24/4/2024