التعليم المفتوح وشجون تؤلّب طلاّبه

إيمان أحمد ونوس: 

تتخذ الدول المتحضّرة كل السبل والإجراءات التي من شأنها أن تدعم التعليم بمختلف مستوياته وأنواعه، سعياً إلى مجتمع متطور قائم في نظام حياته على أسس علمية ترتقي بالفرد والدولة معاً، كما أن غالبية البلدان التي تعرّضت لحروب مشابهة لما يجري في سورية، كانت تواظب على الاهتمام بالتعليم على اعتبار أن الكوادر والأجيال القادمة هي التي سيقع عليها عبء بناء ما دمرته الحرب.

لكن، إذا ما ألقينا نظرة مُتفحّصة على واقع التعليم في سورية منذ ما قبل الحرب، وأثناءها، نجد أن مستوى التعليم فيها وبكل مراحله ينخفض تدريجياً على صعيدي الكم والنوع، بسبب السياسات والإجراءات الحكومية الارتجالية في كثير من الأحيان، والتي جعلت من التعليم العالي خاصة، حلماً بعيد المنال لشرائح مختلفة من السوريين سواء لجهة رفع معدلات القبول الجامعي، أو تخصيص مقاعد لطلاب لم يحوزوا علامات تؤهلهم لتلك المقاعد، إضافة إلى استمرار رفع الرسوم الجامعية بين الفينة والأخرى تحت ذرائع مختلفة، لاسيما في التعليم المفتوح، الذي تذكّرت وزارة التعليم العالي اليوم وبعد حوالي عشرين عاماً على إقراره أن هذا النوع من التعليم للثقافة وليس للعمل، وكأننا في زمن الترف والرفاه المادي الذي يدفعنا للدراسة الجامعية من أجل رفع المستوى الثقافي لدينا، متجاهلة أنها إنما أوجدته لاستيعاب الطلاب الذين باتوا حينذاك خارج مظلّة التعليم الجامعي بحكم رفع معدلات القبول فيها.. فكيف تُدير لهم ظهرها عبر فرض رسوم متصاعدة وإهمال تعليمي، بينما ينحصر الهمُّ الأكبر لديها في تحصيل أعلى نسبة مالية من أولئك الطلاّب؟ ويأتي قرار وزارة التربية مؤخّراً ويغتال كيانهم حين استثنت خريجي الترجمة من مسابقاتها.

صحيح أن التعليم المفتوح بصيغته العالمية ما هو إلاّ وسيلة لزيادة المعرفة والاطلاع والعلم لدى أجيال أو شرائح أخذتها الحياة والوظيفة والعمل من ذاتها في الشباب، فلم تجد الوقت الكافي للدراسة، واليوم هي بحاجة ورغبة لتحقيق أحلام الصبا أو متطلبات الفكر والثقافة. لكن، وبما أنه تحقق في سورية اعتماد هذا النوع من التعليم في الجامعات السورية للشباب الذين لم تُسعفهم علاماتهم لدخول التعليم النظامي مثلما لم تُسعفهم أوضاعهم المادية لدخول الجامعات الخاصة، فإنه من الواجب على الحكومة ممثّلة بوزارة التعليم العالي الاهتمام أكثر بهذا التعليم وطلاّبه وخريجيه من حيث تأمين حقهم في سوق العمل وخطط الحكومة في المسابقات التي تُجريها غالبية الوزارات في الدولة لاستيعاب الطاقات الشّابة، لاسيما في وقتنا الراهن الذي يحتاج إلى جهود كل الشباب ومن كل الاختصاصات والمؤهلات العلمية والمهنية.

العدد 1104 - 24/4/2024