تغييرات لفظية لا تطول المضمون

وعد حسون نصر:

قانون الأحوال الشخصية وما طرأ عليه من تعديلات كانت تُعنى بشكل الكلمة من حيث اللفظ فقط دون الغوص في العمق. لكن لا يمكن أن نتجاهل أن هناك إيجابيات وإن بقيت سلبيات المضمون أكثر وقعاً، ولنبدأ بما يخص الإيجابيات وأبرزها رفع سن الزواج إلى الثامنة عشرة، علماً بأن سورية كانت قد صادقت على اتفاقية حقوق الطفل واعتُبر السن القانوني للزواج هو الثامنة عشرة، كذلك ما يخص إذن السفر للأطفال كان مقتصراً على الأم، الآن بات مفروضاً على الأب والأم معاً. تغيير صيغة العقد من عقد نكاح إلى زواج، برأيي الشخصي كلمة زواج أفضل من كلمة نكاح. أيضاً من حيث فرض شروط للزوجة كإتمام تعليمها، هو برأيي إيجابي نوعاً ما، فمازالت بعض المجتمعات تمنع المرأة من إتمام تعليمها وخاصةً بعد الزواج، وكذلك بالنسبة للعمل من ناحية أن هناك كثيراً من الرجال يرفضون فكرة عمل للزوجة، رغم أن غالبية الشباب الآن يبحثون حين يقررون الزواج عن فتاة موظفة بسبب الوضع المعيشي السيئ.

لكن، ورغم الإيجابيات البسيطة لتعديل قانون مرّ عليه زمن إلاّ أننا نبقى محكومين بصيغة شرعية (عقد الزواج المبرم بشاهدين من الذكور، وإن لم يكن شاهد وامرأتان) ومازالت هنا المرأة لا تُضاهي الرجل بل تحتاج إلى امرأة أخرى لتساويا الرجل. كذلك قرار عودة الأطفال للأب بعد بلوغ سن معين فيه نوع من الإجحاف بحق المرأة/ الأم التي بذلت كل ما بوسعها وبإمكانات مادية ضيّقة ليصل أطفالها إلى هذه السن التي تُبيح للأب انتزاعهم منها.

كذلك موضوع العصمة، لماذا لا يُعتبر الزواج شراكة بين شخصين، وبمجرد اختلافهما بحيث لم يعد هناك مجال للعودة من جديد ينفصلان بكل محبة؟

ورغم الإيجابيات التي حفل بها القانون، لكن مازالت أحلامنا منقوصة بعدالة تحمل معها مساواة حقيقية بين الجنسين دونما فرض قيود تُكبّل حرياتنا الشخصية من حيث اختيار الشريك واختيار العمل واختيار الإقامة وحتى طريقة رعاية الأولاد. ما زالت آمالنا معقودة على ولادة سورية جديدة تجعلنا نأمل بنيل حقوقنا وإن كانت قطرة بقطرة، فتبقى القطرة انتعاشاً لظمأ الكثيرين ممن قُطعت عنهم ظلماً.

العدد 1105 - 01/5/2024