الزواج من وجهة نظر عشريني

غزل حسين المصطفى:

شاب عشريني في كلّ حديثٍ معه عن الغد ترى حبالاً تمتد لتخنق أنفاس أيامه المُقبلة، تبدأ من التخرّج الجامعي وصولاً إلى حياة طبيعية اعتاد الجنس البشري على الدوران ضمن هذه الدائرة، ولكن في عصرنا زُخرِفَت هذه الدائرة بالذهب والنار لتصبح حكراً على البعض، أو تحتاج إلى امتلاك مهارات عالية في فنون القتال البشري، فالزواج اليوم يتحوّل إلى فكرة مُعقّدة وموضوع صعب ينحصر بمن استطاع لتكاليفه سبيلا.

توجهت له بأسئلتي ودار بيننا الحديث التالي:

– إذا أردت أن تعيش الحياة التي ترسم، أعتقد أنك ستكمل حياتك وحيداً، فهل تعتقد أن ظروف الحياة ستفتح لك الأبواب حتى تمتلك كل المفاتيح؟

أجاب: ربما ينبغي عليّ أن أجرّب وأحاول اقتناص فرصي قبل أن أستسلم، الحياة لمن يقاتل فقط، ومن قعد عن ساحة المعركة تفترسه الدقائق ويسكر الاكتئاب من مرّ دمعه!!

– ماذا عن فكرة العزوف عن الزواج؟

– عزيزتي، الزواج لا يُحتسب على كونه محطّة قد نزورها أو لا، برأيي الزواج هو القطار بذاته، حيث سيأخذنا برحلة مختلفة المحطات، ماذا لو بدأنا نتنصّل من الفكرة نحن كجيل شباب لمجرد أن الظروف تخنقنا وتُحتّم علينا مقاييس مُعينة، كيف ستستمر الحياة؟ الكوكب مَخلوقٌ على أسس ونظام كوني، والعبث بعداده يُرتّب نتائج قد لا نراها نحن بشكل حقيقي، ولكنها ستنعكس على الجيل المقبل.

– هل تعتقد أن المُتطلبات التي قد يميل بعضها ليصبح مستحيلاً خارجاً عن نطاق المعقول هي السبب؟

– في زمننا وانطلاقاً مني سأقول: الفكرة لا تقتصر على المتطلبات، فأنا عشريني صحيح، والكل بدأ يعزف أمامي معزوفة الخطبة والزواج وشوقهم لرؤيتي متزوجاً، لكنهم لا يدركون أن الطريق مازال في بدايته، فالخدمة الإلزامية ستتلقفني مع استلام شهادة التخرّج، وبعدها ستبدأ رحلتي في تجميع قطع صورة حياتي المقبلة، فالرحلة طويلة جداً. لا أخفيكِ أن الحياة تغيّرت وباتت أصعب ربما، ولكن هناك مُسلّمات طبيعية المنطق لا يُقبَل تجاوزها.. لنفرض أن المراسم كانت بسيطة والمتطلبات كانت بما تستطيع نفسي أن تتكلفه، لكن، بعد هذا سأصبح مسؤولاً عن مجموعة أفراد لا يُعقل أن يجوع أحدهم أو يمرض وأقف عاجزاً أمام ذلك. قِصَر مدى التفكير مشكلة لأن الزواج هو باب لمراحل مقبلة وليس تجربة عابرة نتخفف من حمولة المهر والحفلة، ووقتئذٍ نُعلن الظفر. لا أنكر أهمية الابتعاد عن المظاهر التي تتجاوز المعقول، ولكن من المهم جداً أن نُدرك ما ستحمله لنا هذه الخطوة.

– هل واقعنا سيُهدي أبطاله مفاتيح مجانية، أو يعمل بمبدأ إماطة الأذى عن طريق المكافح؟

– ليس واقعنا وظروف بلادنا وحدها، هكذا الفكرة منتشرة في عالمنا العربي على الأقل، ولكن الإطار يختلف أو شدّة بطش الظروف قد تختلف وتتفاوت، فالحكومات عموماً قد تربكها عاصفة مطرية غزيرة، فيموت الناس وهم في حالة أسف وذهول، فكيف ستكون مواقفها من تأمين فرص معيشية!؟

الموضوع لا يحتاج إلى إطالة الحديث، فالواقع وظروفه هو الحلقة الكبرى التي نركض في ميدانها ونموت!

العدد 1104 - 24/4/2024