تحديات الشباب في مواجهة الزواج وعقباته

حسن البني:

منذ أن خلق الله أبانا آدم وأمنا حواء، عرف التاريخ أول لبنة زواج شرعي بين كائنين بشريين، فالزواج في معظم الثقافات البشرية يُعتبر الإطار الأكثر قبولاً للالتزام بعلاقة جنسية وإنجاب أو تبني الأطفال بهدف إنشاء عائلة. وقد تعودت مجتمعاتنا على تقاليد وقيم معينة تنطبق عليها أقوال وحكم شعبية تُشجّع الشباب على الزواج مثل: (كمّل نصّ دينك)، (الزواج من سنن الكون)، وغيرها كثير يدل على أهمية وجود علاقة بين كلا الجنسين، فهو وسيلة لاستمرار الحياة وتعمير الأرض. إنه يمثّل قيمة إنجابية، فالأولاد الصالحون امتداد لحياة الزوجين وسيرتهما، بعد وفاتهما.

غير أننا اليوم نجد شبابنا يواجهون صعوبات جمّة تجعلهم يفكرون ألف مرة قبل الإقدام على هذه الخطوة والتفكير بالارتباط، لدرجة أن بعضهم يشعر بالرهبة والتوتّر لمجرد سماع سيرته، فأكثرهم يفضّل حياة النسك والزهد على خوض غمار الزوجية ومشاكلها، وآخرون للأسف يختارون الانحراف وممارسة الزنا، والعيش مع شريكة دون رابطة الزواج أسوة بالمجتمع الغربي، وينطبق هذا على كلا الجنسين، فبعض العلاقات المشبوهة والمُحرّمة تحصل برضا الطرفين دون علم الأهل، فضلاً عن غياب الوعي والرقابة الأسرية، والسبب هو طلب الأهالي لمهور عالية تفوق قدرة الشّاب على الدفع، ومعاناة بعضهم من ظاهرة البطالة ذات الآثار الاقتصادية المُدمّرة، وخوف الشّاب من الاقدام على طلب يد فتاة تروق له. ولأن الزواج كفريضة لابدّ منها، وضرورة لا مفرَّ عنها، فهو الطريق الوحيد المقبول اجتماعياً لإشباع الغريزة الجنسية، لذلك يُنصح بالزواج في سنّ يُظهِر فيه كل من الرجل والمرأة درجة من الوعي والقدرة على تحمل المسؤولية الاقتصادية والتربوية.

ويلاحظ في العصر الراهن انتشار ظاهرة (العزوف عن الزواج) في العديد من المجتمعات، وأسبابها الرئيسية تكمن في عدم تحمل الشاب المسؤولية ورغبته في حرية أكبر بعيداً عن الالتزامات الزوجية، وتأثير الجوانب الاقتصادية، وضعف قدرة الشباب على تلبية مطالب أهل العروس، وارتفاع التكاليف، ويُضاف إلى جملة هذه الأسباب أيضاً، ما هو مادي واجتماعي ونفسي. وآن لنا أن نسأل عن موقف الحكومة من تلك الظاهرة السلبية؟ هل تقف موقف المتفرج ولا تُحرّك ساكناً؟ أم تتخذ إجراءات فعّالة من شأنها الحدّ من هذه الظاهرة؟ فعلى أرض الواقع، ساهمت بعض الجهات الحكومية والخاصة في تنظيم عرس جماعي، وذلك يعود لغلاء تكاليف حفلات الزفاف التي تقام عادة في سورية حسب العادات والتقاليد في يوم واحد لمدة (4-5) ساعات بكلفة باهظة تُقدّر بمئات آلاف الليرات وأكثر، لذلك ترعى هذه الجهات المراسيم وتتكفل بالمصاريف، وهذا مجهود تشكر عليه وينمّ عن أخلاق إنسانية وشعورها بأهمية الزواج لضمان استمرارية بقاء الجنس البشري، لكن لا نريد أن تقف المبادرات الخلاّقة عند هذا الحد، فهناك خطط وبرامج وضعتها الحكومات السابقة، ووعود جديدة مُضاعفة قدمتها الحكومة الحالية تدعم ما نص عليه الدستور، لتشجيع الشباب على الزواج عبر تسهيلات تقدم للشباب مثل حقهم بالسكن والعمل وغيره.. لكن للأسف لم ينفذ منها شيء حتى الآن، ففي ظلّ الظروف الراهنة والمعيشة القاسية، مازال الشباب يعاني الأمرّين، لكن، مازلنا ندعو الله أن يمنح الشباب عمراً حتى يشهدوا تحقيق الوعود الحكومية، وحتى لا يبقى في بلادنا شاب أو فتاة بلا زواج!!

العدد 1104 - 24/4/2024