حاجة واستقرار واستمرارية

وعد حسون نصر:

الزواج حلم كلّ فتاة وشاب للاستقرار والعيش تحت سقف واحد مع الشريك الذي تجمعهم به قصة حب والرغبة الجامحة بقضاء العمر بقربه، وبالتالي هو استمرار للجنس البشري من خلال التكاثر المشروع وأولاد شرعيين من أب وأم بعيداً عن نسب مجهول.

لكن في ظلّ الظروف الراهنة وخاصة خلال حربنا التي استنزفت الروح وحرقت رسائل الحب وجعلت محلّ عسله مرارة الطعم، بتنا نشهد نسبة كبيرة من الشباب طبعاً من الجنسين غير متزوجين، على الرغم من أنهم مؤهلون للزواج من حيث العمر فقط، إلاّ أن العمر المناسب وحده غير كافٍ لتأسيس أسرة وإنجاب أطفال، فهناك معوقات كثيرة تقف بوجه طموح شبابنا إلى سقف بيت يجمعه بشريك العمر، وأطفال هم غاية الحياة ونبض الوجود. هذه المعوقات تبدأ بالبطالة وقلّة فرص العمل وخاصة لأصحاب الشهادات الجامعية، كذلك الغلاء بأسعار الاحتياجات الأساسية، وارتفاع أُجور المنازل هو أحد أهم تلك المُعيقات، كما أن معظم شباننا ما زالت أمامهم خدمة العلم الإلزامية التي لا تسمح ظروفها بالزواج، وكذلك نفقات الزفاف ومستلزمات العروس خاصةً أن بعض الفتيات يرغبن بحفل زفاف كبير، وفستان فخم وذهب مميّز، لتبرز مدى أهميتها عند فتى أحلامها أمام فتيات العائلة، وهنا لا حول ولا قوة! لذلك من الطبيعي أن يعزف العديد من الشباب الذكور عن التفكير بالارتباط والزواج. وتحاول بعض الجمعيات والمنظمات المساهمة في إقامة عرس جماعي وتحمّل جزء من التكاليف والتجهيزات، إلاّ أن غالبية شبابنا لا يفضلون الخوض في هذه التجربة، وخاصة أن المساهمة تقتصر فقط على تكاليف الزفاف دونما النظر إلى تأمين سكن وفرصة عمل. لذا وقبل التفكير فقط بتكاليف العرس من قبل الجمعيات، ليتهم يهتمون بتأمين سكن شبابي للاستقرار وتكوين أسرة ضمن دفعات منظمة ومناسبة، كذلك المساهمة في تأمين فرص عمل لسدّ مصروف المنزل ونفقات الحياة الأسرية، هنا تكون الدولة والجمعيات التابعة لها في تنظيم شؤون الأسرة قد ساهمت بشكل فعّال بردم فجوة البطالة وتحقيق حلم أيّ شاب وشابة بالاستقرار والارتباط وبناء أسرة حقيقية، والحدّ من ظاهرة الأطفال غير الشرعيين، وبالتالي لا يمكن تحقيق أحلام شبابنا بالحياة الزوجية بعرس جماعي فقط، وإنما لابدّ من تحقيق استقرارهم بسكن وعمل يجعل لهم أسرة كريمة تكون نواة المجتمع والخلية الفعّالة في بناء حياتنا الاجتماعية السليمة، فالمجتمع ينهض ويكون سليماً من خلال الأسرة التي هي نقطة البداية.