على حافة الهاوية

غزل حسين المصطفى:

عصور عدّة قد مررتُ بدراسة الشعر فيها، ودائماً تكون نقطة البداية: هل حافظ هذا الشاعر على القالب المعهود؟ هل مازالت قيم الوفاء، الكرم، الشجاعة هي الأبرز وسبب نظمه للقصيد؟

على الرغم من تعدد الأسباب التي تجعلنا نقتفي أثر كل حرف تركه هذا الشاعر، فنفسر هنا ونردُّ الحدث لمجموعة تضاريس اجتماعية فرضها الواقع، لكن الشيء الأبرز أننا نستشف ملامح العصر الذي يعكسه هذا الشعر بمختلف صوره ونبحث عن القيم التي حافظ عليها إنسان ذلك الوقت، فهذه القيم يمكن أن نعتبرها الضمان الحقيقي لكرامة الإنسان والغذاء الروحي لقوم ما.

وحين نرى أن الدفاع عن الوطن بما يحمله هذا الفعل من شجاعة وحب وتضحية هو المنعطف الأهم في شخصية الإنسان سنطمئن على حدود تلك الدولة، كما أننا قد نقرأ الوفاء في نفوس الناس وكأنه شريعة سماوية.. لكن ماذا عن زماننا الحالي وقد قلّب العمر عداد الأرقام ووصلنا إلى عام 2019؟

ثورات رقمية وفكرية عصفت، حروب ومجازر فتكت بالبلدان وشوّهت النفوس! فأين نحن الآن من الصدق؟ حين أسمع بائع الغاز يُقسم بربّ البيت أنه لا يملك من الأسطوانات حتى واحدة لمنزله، وفي جوف الليل كنت قد سمعته يُنزل حمولة وفيرة ويضحك أنها ستكون صفقة الموسم!؟

أين الوفاء في قصة صديق لفّق لصديقه بعض التُهم وزوّر أوراقاً مالية لينال المنصب عوضاً عنه، والضمير الشرس في صدره يقول: (منلعبها صحّ ومنقبر الفقر)!

أيُعقل أن الحرب هي السبب، أم أنّ النفوس تعرّت من جميع الروادع الأخلاقية وحتى الدينية!؟

الحرب ليست الشمّاعة التي نُعلّق عليها كل أخطائنا ونمضي! ما وصلنا إليه هو تراكمات زمنية دفنت ربيع الأرواح وأنبتتها شوك وفساد!!

نقف عند المشاكل ونحن نطالب بحل، نسأل أنفسنا: من أين نبدأ؟ من المسؤول عن ذلك؟ من سيُمسك زمام التغيير؟ هل ستتضافر الجهود وتُشبك الأيدي بحق؟

لطالما بقي هذا النقد للحدث على مستوى فردي والصوت مكبوتاً، سنبقى نرى التراجع العكسي يسحب أيدينا ويدفننا معه.

أمّا إن صارت قضيتنا الجوهرية ومبتغانا، فلربما سنحقق نتائج تجعل ضميرنا البشري ينام قرير العين فتشده خيوط الصباح في كل يوم ليكمل مسيرته.

العدد 1105 - 01/5/2024