نهاية القصة

غزل حسين المصطفى: 

في قصص الخيال، كانت النهايات تُكتب في الصفحات الأخيرة، ندقُّ طبول السعادة، نعيش الأفراح مع هؤلاء الأبطال، ومن بعدها نُغلق الكتاب لنبدأ بأبطال جُدُد وقصة مختلفة الفصول. لكن ماذا عن النهايات في قصصنا الواقعية!؟ على أيّ أساس كُتِبَت النهاية ووزّعت الأدوار؟

هل يحق للبطل أن يموت في منتصف السطر ونزيف دمه يحرق ما بقي من الصفحة؟

كيف نُصنّف القصص وفي كلّ مشهد منها ألف شعور وكثير من التاريخ والجغرافية والفلسفة وحتى العلوم مع قليل من التوابع الاجتماعية؟

لكلٍّ منّا نظرته ومعتقدات تدفعه ليجد الجواب الأنسب لفضوله، فيطابقهما معاً ويُكمل رحلته حسبما يرى!!

ومن بين كل القصص التي مرّت علينا بوصفنا أفراداً، كانت الحرب هي الطعم الجماعي الذي تشربته أوراقنا ولطّخت النقوش، تطاولت وامتدت إلى فصول مختلفة، واليوم يُعلن بعض الناس نفاد بارودها وتعافي الأحداث من شعوذتها، ويُبرر البعض تصريحاتهم بأن البنادق مازالت تحمل رصاصاتها منذ عدّة أشهر وما من يد ضغطت الزناد!

كما أن عصفور شجرة الصنوبر القريبة من شرفتهم عاد ليطير بشكل إرادي، لم تعد أصوات التفجيرات والقذائف تشحن جناحيه ليعانق غيوم السماء خوفاً.

ومدرسة بالقرب منهم ضجيج أطفالها عاد يخرق الجدران ويوزّع على الحي كله ابتسامات عريضة.

هل هذه المعطيات كافية؟

هل الحرب رصاص ومتفجرات فقط؟!

ماذا عن بيوت هوت وأرواح مازالت قيد المجهول؟

ماذا عن نفوس اتشحت بالسواد والحقد والأمراض النفسية؟

وحدها هذه النهاية لم تُكتب في الصفحة الأخيرة، إنما هذه النهاية كُتبت في المنتصف وتشرّبتها عناوين الصفحات التالية.

طوينا الجزء الأول ربما، لكننا نحتاج إلى سلسلة فائقة الحرفية والإتقان في الصياغة وانتقاء الأبطال حتى نكتب أن الخير قد استطاع أخيراً أن يغنم بقلوبنا، وتفوح أطياب الحب من بين جنبات شوارعنا.

وهناك على شجرة الميلاد يُعلّق الناس فوانيس ملونة، أمّا المواطن السوري فراح يُعلّق أمانيه وصلواته، يأخذ صورة تذكارية ويجبر الفرح على النهوض مجدداً في الشوارع، لعلّه يعيش فرحاً طبيعياً بلا جبر أو آمال منقولة من عام إلى آخر.

العدد 1105 - 01/5/2024