وداعا قذائف الحقد.. أهلاً قذائف المعيشة!

حسن البني: 

كلُّ عام جديد، يحمل للناس آمالاً وأفراحاً، آلاماً وأحزاناً، فنحن نستقبل سنة جديدة، تُميّزها فرحة الانتصار على الحرب الكونية التي شنّها الإرهابيون ورعاتهم على البلاد والعباد، وعودة الاستقرار والأمان إلى أغلب المحافظات، فلم نعد نسمع دويَّ قذائف الغدر التي أمطرت سماء المدن والأحياء الآمنة، ما أدى إلى شعور بالراحة في الأوساط العامة.

ويتوّج احتفالات أعياد الميلاد ورأس السنة هذا العام عن السنوات المنصرمة، خلوّها من قذائف الموت والحقد، لتغدو مظاهر الإبتهاج بالمناسبات جليّة خلافاً لما مضى، وهذا شعور إيجابي يحمل في طيّاته كثيراً من الآمال.

لكن، بالمقابل، يعاني المواطن هاجس قذائف (ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة)، فالأولى تؤدي إلى إزهاق بعض الأرواح، أما الثانية فخطرها على الجميع في معيشتهم التي باتت في حدودها الدنيا، فها هي ذي بشائر أزمة غاز جديدة تلوح في الأفق مع نهاية العام، وتلك الشائعات المُثارة بشأن إرتفاع أسعار المحروقات وغيرها من مفاجآت وما خفي منها أعظم!! ولم يكد التجّار يستشعرون رائحة زيادة رواتب مطلع العام القادم حتى اشتد وطيس الأسعار، وهذا ما لمسناه من ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية تحت ذرائع واهية، فهي فرصة لهم للكسب والربح غير المشروع على حساب قوت المواطن ولقمة عيشه.

والهمُّ الأكبر الذي يدعو للسؤال مع مطلع كل عام: متى سيعود المهجّرون إلى قراهم ومنازلهم؟! فها هي ذي الأزمة قد شارفت على الانتهاء، ولم نشهد حتى الآن عودة شاملة للأهالي في معظم المناطق! مع بداية مرحلة إعادة الإعمار المنشودة، هل نحن بحاجة إلى خمسين عاماً أخرى لإعمار ما تهدم من منازل وبنى تحتية؟!!

حتى الآن لا نرى من المسؤولين والمهتمين بإعادة الإعمار أي طرح لحلول سريعة وإسعافية بالقدر الكافي، كل ما نراه هو جعجعة إعلامية لا ترتقي إلى حيّز الواقع وآلامه.

قد يعتقد البعض أننا متشائمون، لكن الواقع يفرض نفسه، فأملنا أن يكون العام القادم أفضل من سابقه، وهكذا مناسبات تُعتبر فرصة لجميع الناس كي يرتاحوا من بعض المشاكل والهموم، وإشاعة المحبة والسلام بين جميع الأطراف والأطياف بعيداً عن أي نوع من التفرقة بين مكونات الشعب، فكفانا دماراً وحقداً وكراهية! دعونا نفتح صفحة جديدة، خالية من جميع أنواع القذائف! نحن الآن بحاجة إلى استغلال الطاقات الشّابة وإيجاد حلول فعّالة لما نواجهه من أزمات إنسانية، كما نعوّل على أولئك الشباب لمواجهة التحديات المستقبلية، ونأمل أن تكون أولويات الخطط الحكومية لبناء الإنسان السوري قبل كل شيء، وليكن شعارنا لاستقبال العام الجديد هو:

بناء الأوطان ببناء الإنسان!

العدد 1104 - 24/4/2024