الإعجاب بالمشاهير.. هوسٌ مُقلق

غزل محمد عائشة:

كثيراً ما نصادف شريحة كبيرة من الشباب الأشد إعجاباً بالفنانين والمشاهير على مستوى العالم. فأغلبهم يتابع أدق تفاصيل حياتهم، ويجمع صورهم، أو يسعى جاهداً لحضور حفلاتهم، ومن الشباب من يذهب لأبعد من ذلك بكثير، إذ يتحول أمر الإعجاب والتشبّه إلى اهتمام مشوب بالهوس، حيث تقصد نسبة ليست بالقليلة من الشباب عيادات التجميل لتغيير مظهرها، ولعلّ أنف (مايكل جاكسون) نال الخلود في ذهن العامة من معجبيه حتى بعد رحيله عن الدنيا، فضلاً عن صدى موت عبد الحليم حافظ الذي سجل حالات انتحار في صفوف معجبيه ومحبيه.

فهل ذلك هوس أم إعجاب..!!؟ سؤال نتوجه به إلى المراهقين من كلا الجنسين ممّن جرّه الإعجاب إلى حدود الاقتداء بأولئك المشاهير، فما معنى الاقتداء الذي كُنّا قد قصدناه، بما أنّنا تحدثنا عن تبعات الإعجاب التي قد يتطرّق إليها أيّ شخص وقع في مرحلة الحب مع شخص عادي، وضمن الحدود الطبيعية لتطور حجم علاقة الحب والإعجاب، هو ما يقدم عليه المعجب من اقتناء صور.. ورغبة في معرفة تفاصيل كثيرة عن حياته.

لكن وما إن أصبح المعجب متيّما مريضاً بأحدهم وبطباعه حتى وإن ساءت البعض منها، لتحول الإعجاب الطبيعي إلى هوسٍ أو ما يسمى (الحب المرضي)، فالغريب والمُثير على حدٍ سواء هو الإعجاب بأشخاص مُحال الالتقاء بهم أو معرفتهم عن قرب لتصبح حياة المشهور هذا محطة دائمة يقف كثيرون عندها، حيث أنه ما من لوم واقع على المشاهير وإن خرجت تصرفات بعضهم عن المألوف أو القانون، ولكن اللوم كل اللوم على من اعتبرها تصرفات مقدسة تُتَبع وتُمارس بدافع حب التقليد والتشبّه كما أحد الفرق الغنائية التي ذاع صيتها بين الشباب، لاسيما عند أتباع المثلية الجنسية نسبة للتوجهات الجنسية لتلك الفرقة.

وتزامناً مع اتساع دائرة القضايا (المثلية، الإلحاد، الإدمان، الخ..) والتي لا زالت عالقة بين إشكاليات عدة، لا بدّ أن هوس التقليد بالعموم، وحب المشاهير ومحاولة تقليدهم خصوصا سبباً وجيهاً لذلك.

وليس أشقى من الإنسان الذي يود أن يكون إنساناً آخر غير الذي يؤهله لهُ كيانهُ الجسدي والفكري، ولا خير في إنسان يحاول التشبه بغيره، وإنك لتجد رغبة التقليد هذه موجودة بين الشباب أنفسهم، حيث أنه لا قرار ذاتي، لا مبدءاً مبنيا على تجربة شخصية خالصة حسب بعض إفادات أطباء علم النفس، فكيف إن كان التشبّه (تشبهاً أعمى..!!) وفعلياً لدينا أكداس من النقائص لكن هذه النقيصة ستقتلنا.. كن نفسك، وإن انتقص أحدهم من عظمة هذا الأمر، فيا لسوء ما يقدر.

العدد 1105 - 01/5/2024