تأمين السيارات وتهرّب بعض شركات التأمين من المسؤولية

الجانب الهام الذي نرمي التوقف عنده يتمثل في السؤال التالي: ماذا يعني التأمين على السيارات؟ وهل بالفعل تتقيد شركات التأمين بالشروط المتفق عليها والمتضمنة في عقود التأمين؟

والأهم هل هناك مرجعية قانونية أو رسمية قادرة على إنصاف المؤمن في حال التعرض إلى غبن من هذه الشركة أو تلك:

حسب القرار 1915 الصادر عن رئاسة مجلس الوزراء بتاريخ 12/8/2008 والذي تضمّن الالتزام بصرف التعويض الجسدي والمادي للغير سواء وجدوا ضمن السيّارة المؤمّنة أم خارجها (ماعدا السائق)، وذلك حسب نسبة مسؤولية المركبة المؤمن عليها وبحدود 750 ألف ل.س لتعويض الوفاة والعجز الكلي، ولكل درجة عجز7500 ل.س، والعطلة عن العمل 6 أشهر، ولكل شهر 12 ألف ل.س، ونفقات تداوي وعلاج بحدود 200 ألف ل.س، والأضرار المادية للغير بمبلغ مليون ونصف مليون ل.س لكل حادث، وهو يغطي الأضرار الجسدية والمادية للغير عدا مالك السيارة وسائقها، ويمكن تشميلهم بالعقد الإلزامي مقابل بدل إضافي. وإن عقد التأمين الإلزامي يسري مفعوله ضمن أراضي القطر فقط، ويمكن زيادة مبالغ التعويضات مقابل بدل يستوفى من مالك المركبة، وإن الجهة التي تملك تعديل الالتزامات هي هيئة الإشراف على التأمين بالتنسيق مع وزير المالية.

يختلف عقد التأمين الشامل عن عقد التأمين الإلزامي بأن المتعاقد يختار بنود هذا العقد والمبالغ التي يجب على شركة التأمين دفعها عن الإصابات الجسدية والمادية، وفي حال الوفاة أيضاً. وقد اعتمدت جميع شركات التامين نموذجاً موحداً لعقود التأمين الإلزامية والشاملة، والاختلاف الوحيد بينها هو ما يرغب فيه المتعاقد. أما بالنسبة إلى من يشمل هذا التأمين فإن هذا البند موجود تحت عنوان (الأخطار غير المؤمنة إلا باتفاق خاص ولقاء بدل إضافي) فبإمكان المتعاقد تأمين جميع الركاب دون استثناء، وبإمكانه أن يحدد مبلغ التعويض أيضاً لقاء البدل المتفق عليه

أما في ما يخص عقد التأمين الشامل أو التكميلي فهو لا يشمل الأمور التي حددها عقد التأمين الإلزامي الذي يشمل الأضرار المادية والشخصية التي تلحق بالغير فقط، وبالتالي فإن عقد التأمين التكميلي يشمل ما يتم الاتفاق عليه مع شركة التأمين. ولكن في أغلب العقود التكميلية تشمل (الأضرار المادية التي تلحق بسيارة المؤمن له نفسه، التأمين ضد الحريق، التأمين ضد السرقة)، ولا تشمل الأشخاص باستثناء سائق المركبة  إذا تضمنته بعقد التأمين.

عقد التأمين الشامل لا يشمل الأضرار التي تلحق بالركاب في السيارة المؤمنة، وإنما يشملهم عقد التأمين الإلزامي للسيارة الصادمة والسيارة المصدومة، وفقاً لقواعد توزيع المسؤولية.

إن مسؤولية شركة التأمين محددة إذا تمت المصالحة مع جهة التأمين وفق شروط العقد، أما قضاء فإن كل نص يحدد المسؤولية باطل، ويعود تقدير التعويض لقناعة قاضي الموضوع.

من الملاحظ تهرب بعض شركات التأمين من المسؤولية اعتماداً على النصوص المبهمة الواردة في عقد التأمين، والخاضعة للتأويل والتأليل. ونلمس مثل هذا التهرب في الظروف الحالية لمن يتم خطفه والاستحواذ على سيارته، من ثم تركه والاحتفاظ بسيارته. فهل يعدّ مثل هذا العمل سرقة لسيارة المخطوف؟ فتشمل السيارة بعقد التأمين وتقع مسؤولية شركة التأمين في تعويض المؤمن له، أم يمكن اعتبار هذه الحالة خاضعة لما يسمى الأحداث الناتجة عن المخاطر غير المؤمنة  (كمخاطر الحروب). وفي مثل هذه الحالة تستطيع شركة التأمين التنصل من المسؤولية، فليس أمام المؤمن له سوى طريق اللجوء إلى القضاء لتحديد المسؤولية باعتبارها الجهة المخولة الوحيدة، ويعود تقدير المسؤولية إلى قاضي الموضوع.

العدد 1105 - 01/5/2024