المرأة والعنف الصامت

البيوت أسرار هذا هو حال البيوت السورية التي تحوي كمّاً هائلاً من الهموم المتراكمة فيها، فيعصف بالنسيج الأسري ككل، ويؤسس لعقد اجتماعي جديد. ومع تكدس العائلات في البيوت في المناطق الآمنة وانعدام العمل، وحتى انعدام فرص العمل الجديدة، جلس الرجال في البيوت وأصبحت العائلات تعاني لا الفقر والديون وحسب، بل عانت أيضاً حالات نفسية سيئة رزح تحتها الأطفال والكهول وكبار السن. ولكن تبقى المرأة سواء كانت أماً أم أختاً أم زوجةً هي التي تعاني معاناة نفسية أكبر. فهي تحمل هموم الأسرة وكيفية تأمين بعض لقيمات العيش. وبنظرة سريعة إلى الجمعيات الخيرية نجد أن معظم من يلجأ إليها هم من النساء المكسورات لأجل حصة غذائية ثمنها بضع مئات من الليرات.  وفي البيت عليها تحمّل ضيق الخلق عند الجميع. فإضافة إلى كل الحزن والألم الذي يعتريها عليها أن تتحمّل عبء غضب الجميع، وخاصة الذكور الذين تركوا عملهم وباتوا يستثيرون الشفقة، ويطالبون هذه المرأة بتحمّلهم. فقد نابتهم مصيبة: إذ أصبحوا عاطلين عن العمل،  وهو ما يثير الشجن حقاً، فهي تقبل كل أنواع العنف، وخصوصاً ما أسميه العنف الصامت، فتسكت على ضيمها بعدة حجج، أولها الحالة المادية للمعيل، وآخرها الحالة المعنوية بأنه بلا عمل وبلا مال وبلا بيت..

ليت المرأة السورية تعرف أنها هي من تبني الرجل، وهي الحامل الأساسي للأسرة، وأن حالتها النفسية والعاطفية هي مرآة مجتمع بأكمله وليس أسرتها فقط. لذلك عليها أن تكون واعية غير مستسلمة لنوبات العنف، وأن تستطيع إيجاد مخرج جديد بعيد عن الاستكانة والرضوخ إلى الأمر الواقع.

العدد 1105 - 01/5/2024