حلم الشباب بحل أزمة السكن

المسكن حق إنساني أساسي وجوهري في ضمان الكرامة الإنسانية، إضافة إلى الطعام والشراب واللباس، فهو حاجة اجتماعية ونفسية واقتصادية وصحية. تأمينه ينعكس إيجاباً على مفهوم الدولة المتمدنة والمتحضرة. فهو واجب على الدولة، وحق للمواطن. ومن واجب الدولة العمل بجميع الوسائل لتأمين السكن، بوصفه الشغل الشاغل للمواطن السوري. فقد شكل أزمة حقيقية عبر عقود من الزمن باستمرار الزيادة السكانية، وتراجع دخل الفرد. فقد كفل الدستور السوري في المادة ،13 الفقرة 2 تمتع الفرد بالحقوق الأساسية: (تهدف السياسة الاقتصادية للدولة إلى تلبية الحاجات الأساسية للمجتمع والأفراد)، بناء على ما نص عليه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة ،25 الفقرة ،1 وما أقرته المواثيق الدولية في حق الفرد بالتملك والسكن.

 وبما أن النمو الاقتصادي والثقافي والعدالة الاجتماعية تبدأ من تشريع القوانين المناسبة للوصول إلى التنمية الشاملة والمتوازية والمستدامة التي هدفها بناء الفرد والدولة، فقد أصدرت الدولة العديد من التشريعات السكنية والقوانين الناظمة للسكن منها (قانون الاستثمار العقاري _ قانون منع الاتجار بالأراضي _قانون إعمار العرصات – قانون التوسع العقاري _قوانين الإيجار الجديدة _ وآخرها المرسوم رقم 40 لعام 2012). والهدف تمكين كل مواطن من امتلاك مسكن لائق وبسعر التكلفة لضمان أمان المواطن الاجتماعي وضمان أمان الدولة، وإزالة المعوقات الإدارية والتشريعية والفنية، التي تقف عائقاً أمام وزارة الإسكان والمؤسسة العامة للإسكان وقطاع التعاون السكني والقطاع الخاص.

وعلى الرغم من كثرة هذه القوانين وتعديلاتها فقد كانت أحد الأسباب الرئيسية في تفاقم أزمة السكن، لعدم وضوح القوانين والمخططات التنفيذية. وعدم تدخل الدولة تدخلاً فاعلاً لغياب الخطط الاستراتيجية لمعالجة الأزمة السكانية مع التزايد المستمر في عدد السكان، وضعف دخل الفرد. فقد عملت وزارة الإسكان والمؤسسة العامة للإسكان وقطاع التعاون السكني على حل أزمة السكن. ولكن وجود هوامير المتنفذين والمستفيدين وأصحاب الأراضي والمستغلين والسماسرة أدى إلى ظهور جامعي الأموال وضياع حقوق المكتتبين وبقاء المخططات حبراً على ورق، مع تنفيذ جزء يسير لا يلبي حاجة السوق العقارية، وأدى إلى تراجعٍ وانكماش وترهل في قطاع التعاون السكني، لعدم تطوره مع تطور القوانين العمرانية.مما أفقد صلته بالواقع وغايته وهدف إحداثه. وأصبح مشاريع استثمارية للمضاربة لعدم تأمين الأراضي والقروض اللازمة لمشاريعه وتسهيل رخص البناء ولعدم تطبيق القوانين وضعف الرقابة وفساد الأجهزة المساندة لها وعدم التوسع بالمخططات التنظيمية وقصور التخطيط العمراني

وباعتبار الغالبية العظمى للسكان من أصحاب الدخل المحدود، فقد عمدت الحكومة إلى تسهيل القروض العقارية، الذي أصبح عبئاً مادياً لسنوات طويلة. وهذا ما جعل نسبة كبيرة تتجه إلى  الحل الفردي لتأمين مسكنها. وقد ساهم ذلك في انتشار السكن العشوائي، وظهور مخاطر صحية واجتماعية واقتصادية. فكانت أكثر المناطق التي شهدت اضطرابات واحتجاجات مقارنة مع الضواحي الحديثة. فكان قاطنوها بين فكي كماشة الفقر والحاجة واستغلال المشاريع العقارية، وبين تراخي الحكومة لإيجاد الحل المناسب.

إن الحل الأنسب هو تفعيل مشروع الإسكان القومي، الذي يتناسب مع حجم الأزمة بواقع إيديولوجي جديد لا يرتبط بالماضي.

العدد 1105 - 01/5/2024