إني نسوية

عرّفت النسوية بأنها حركة فكريّة مُهتمَّة بحقوق المرأة، تنادي بتحسين وضعها وتأكيد دورها في المجتمع وتشجيعها على الإبداع.

ومن خلال تاريخ النسوية في العالم نتعرف على مراحل مرّت بها النسوية كحركة عالمية بدءاً من الأمومة انتهاءاً بحرية المرأة المطلقة في جسدها، لتعني النسوية أخيراً أنها العمل لأجل مجتمع تسوده المساواة الاجتماعية بين النساء والرجال، والعمل على محاربة أي مجتمع يستغل أو يقمع  أو يهمش النساء أو أي فئة أخرى، واحترام الفردية والذاتية بين النساء وبين البشر كلهم، وأن لكل فئة طريقتها في النضال، و الاقتناع بأن للنساء الحق في التحكم بحياتهن وتقرير مصيرهن، وبأن لهن الحق في السيطرة الكاملة على أجسادهن، والسعي للوصول إلى المعلومات التي حجبت عن النساء لقرون، وتؤكد الحركة النسوية أن الرجل ليس هو عدوي، بل شريكي، لكن عدوي هو الذكورية، وتدرك أهمية مشاركة النساء في السياسة والوصول إلى مراكز قيادية.

فقد أصرت الحركة النسوية على تضمين حقوق الرجال ضمن كل حق تطالب به، فالرجل هو الشريك، ومفاهيم المساواة الاجتماعية لن تتحقق دون المساواة بين المرأة والرجل وأخذ كل منهما حقوقه في المجتمع، فالعدو ليس هو الرجل بل الذكورية، وهي عدوة المرأة والرجل، وهي التي تصنع الفوارق بين الجنسين، والتي تساهم في خلق أجيال تشعر بالاضطهاد نساء ورجالاً، لذلك لن نتعجب عندما يطالب الرجال بأن يسمع صوتهم كمعنفين في المجتمع، لأنهم على أرض الواقع يعانون العنف أيضاً نتيجة المجتمع الذكوري، يطالب الرجل بأن يعيش بطريقة معينة، فهو الخارق الذي لا يبكي ولا يجوز أن يعبّر عن ألمه وعليه مسؤوليات البيت والعمل وتأمين مستلزمات الحياة، فهو صاحب الملك والاسم والقرار، وهذا كله عنف مبطّن يعيشه الرجل ضمن ظروف اجتماعية تهمّش كلّا من الرجل والمرأة وتطالب بالمزيد من الحياة الطبيعية، ومن هنا تنبع أهمية الحركة النسوية، فهي تبرز دور المرأة بوصفها شريكاً مساوياً للرجل، عليها كل المسؤوليات والقرارات التي تتعلق بمصيرها ،بالشراكة مع الرجل فيما يتعلق بالأسرة، فكلاهما معني بأن يحقق التنمية في المجتمع. وتخرج الحركة النسوية اليوم لتقول إني كحركة نسوية أطرح مفهوم: لا للعنف في كل التفاصيل الموجودة في الحياة، فهي ليست أسماء كبيرة وعبارات ضخمة، بل العنف في تفاصيل الحياة الأسرية والعمل والشارع، وهو يتدخل حتى في طريقة ارتداء الملابس فالعنف أن يطلب المجتمع أن ترتدي النساء ملابس تعتبرها محتشمة أو أن تخلع عنها ملابس بذريعة أنها متحررة، متجاهلة أن للمرأة الحق في أن ترتدي أجزاء من لباسها أو تخلعها، إن شعرت بالبرد أو الحرارة فقط، وهذه هي حريتها.

العدد 1105 - 01/5/2024