مهندسون مع وقف التنفيذ

نحن ـ المهندسين الشباب ـ لابد لنا أن نسلط الضوء على بعض الأمور التي تخصنا بهدف معالجتها وإيجاد الحلول المناسبة، بمايتناسب مع التغيرات الحالية أو المستقبلية لنبني معا بلدنا الحبيبة… فلذلك ربما الذي أكتبه هو تعبير عن الكثير من المهندسين الشباب الذين لم يجدوا فرصتهم في مجتمع كان ومازال يظلمهم بطريقة أو أخرى… فلنبدأ من الشاب الحالم الذي دخل الجامعة بهدف دراسة الهندسة، مهما كان نوعها، وفي فكره الكثير من الآمال عن ماذا سيتعلمه، وماذا سيكتسب من خبرات، وماذا سيقال عنه بعد التخرج وعن كونه مهندساً…

وياله من مهندس عندما يفاجأ ويصدم بالحياة العملية، إذ يجدها بعيدة كل البعد عن ماتعلمه في الجامعة… فتبدأ المعركة الحقيقية مع واقع الحياة وشغفه لأن يعمل في مكان ما ليكتسب الخبرة لأنه كما قلت لاعلاقة لها بما درسه بالجامعة.. وماإن يحصل على عمل وأقصد به العمل الخاص، حتى يبدأ أصحاب العمل ينهشونه بطريقة أو بأخرى، وفي قولهم له إنه يكفيك أن تعمل هنا وتكسب الخبرة حتى لو مقابل مال زهيد.. ولابد لك أن تصمت لأنك يجب أن تتعلم، وخاصة إن لم يكن لديك مال أو معارف أو سلطة تدعمك، وإن لم تقم بواجبك على أكمل وجه فمن السهل جداً أن تُطرد على أقل سبب، لأنه ليس لديك حقوق واضحة تتمتع بها، وليس بينك وبين الجهة الأخرى عقد يضمن حقوق كل منكما، وأقصد بهذه الحقوق فيما يتعلق بالراتب وزيادته حسب الفترة الزمنية التي تعمل بها، وفيما يتعلق بالإجازات والعطل الرسمية وفيما يتعلق بمدة ساعات العمل وإلى ما هنالك من أمور أخرى…

ويالفرحة هذا المهندس عندما يعرف أن لديه نقابة لكي تدعمه وتسانده في ذي الحياة، وإذا يفاجأ بأن هذه النقابة هي عبارة عن مافيات تريد أن تستغل هذا الشاب بشتى الطرق، بحيث تأخذ منه عمله ورُخَصه التي يستحقها وتنسبها إلى أصحاب هذه المافيات مقابل القليل من المال لتسكته، ولاتستطيع من خلالها أن تعرف أبسط حقوقك كمهندس منتسب للنقابة، ولكن إن أردت أن تكسب الخبرة في الحصول على بعض الرخص لابد من استخدام اللسان المنمق أو الاستفادة من بعض  معارفك في حال كان لديك، أو بالمال والرشوة، ولا أريد أن أطيل الشرح أكثر…

وماذا عن العمل مع الدولة؟ نعم، أنت لديك راتب، ثابت والعمل مع الدولة جيد هذه الأيام خاصة في ظل هذه الأزمة، ولكن المكتب ليس لك وحدك فقط، بل هو لعدة مهندسين يتناوبون على كرسي واحد ويقضون أوقاتهم بالأحاديث واحتساء القهوة والشاي، ولكن هذا الحال ليس في كل دوائر الحكومة… مع العلم أن هذا الراتب لايعادل غلاء المعيشة قبل الأزمة، فكيف هو الحال من بعدها!

هذا هو حال المهندس الشاب الذي يصطدم بالحياة ويقرر السفر لكي يكتسب الخبرة، ولكي يعيش ولكي يجد فرصته ولكي يدفع البدل… وبعد سنين لربما يعود القلة القليلة من هؤلاء الشباب، ولابد لهذا الشاب العائد أن يصارع مرة أخرى في حال مازال ضميره حياً أو يتبع شريعة (إن لم تكن ذئباً أكلتك الذئاب…).

 نعم، هذا هو حالنا نحن  المهندسين الشباب – فهل يااااااترى سيتغير هذا الوض؟ ومتى؟… أو من الممكن أنه سيتغير ولكن عندما يصبح هذا المهندس الشاب بعمر يعود به إلى الوراء ليجد نفسه، إما أنه قد أصبح من شريعة الغاب أو بقي مهندساً مع وقف التنفيذ….

العدد 1105 - 01/5/2024