شامي.. تنهض من جديد!

عزيزي يا صاحب الظل الطويل: اليوم كعادتي استيقظت فجراً.. ونفضت غبار اليأس عن قلبي.. صحوت وأنا أرتل ابتهالاتي متوسلة الفرح كي يخيم على وطني..  ابتدأت يومي بإلقاء تحية الصباح على مدينتي.. وآه منها مدينتي.. إنها عروس ساحرة.. ملكة مترفعة.. أنشودة للحب تغنت بها شفاه الزمان.. أسطورة عشق..عصفورة الأحلام.. سيدة المآذن..حكاية سلام ترويها أجراس الكنائس.. بستان ياسمين.. سلطانة بردى.. أم الأبجدية..  أهزوجة حب على مر العصور..شامي.قديستي.. حبيبتي.. معذبتي.. قاتلتي وخالقتي من جديد.. أملي ويأسي.. غدي وأمسي.. ياسمينتي المجروحة.. معشوقتي المذبوحة.. أغرتني مشاعري تلك بالكتابة.. فاستللت قلمي.. وجلست إلى طاولتي مكتظة بالأفكار.. فكيف للعاشق التحدث عن مفاتن معشوقته دون أن يجتاحه الارتباك؟!!فما بالك إذا كانت معذبته ضحية تتسابق على نهشها الذئاب..وارتوى ياسمينها بدماء قانية؟!!

فجأة.. أمطرت السماء وابلاً من الرصاص.. وعلا دوي القنابل في الجوار.. عصفت بي رياح الخوف.. ولم أعد أدري كيف السبيل ؟هدّئ من روع قلبي.. لملمت دموعي.. وتجاوزت ذعري.. هربت.. تركت دفتري فارغاً.. وأحلامي وحيدة على الكرسي.. ورحت أجري وسط جو ملوث بالرعب.. ضجت فيه أصوات الهلع واستغاثات الأطفال..  آخر ما حملته مخيلتي من ذكريات اليوم الكئيب ألسنة اللهب وهي تلتهم منزلنا الحبيب.. أدركت هول فاجعتي حين تركت أمنياتي تشتعل مع أوراق الدفتر اليتيم. أحسست في تلك اللحظة: أن فؤادي قد تحطم.. وبأن أمراء الحرب وتجار الدمار..سرقوا مني حبي..واغتالوا عنفواني.. رفعت الراية البيضاء واستسلمت لإغفاءة قسرية.. وبعد دقائق اختطفني فيها النعاس.. نهضت متلهفة.. ورحت أبحث كالمجنونة عن ورقة بيضاء ؟عتمها بسواد مأساتي.. وأشهدها على فاجعة انتهكت إنسانيتي.. بدأت الكتابة بدموع دامية.. ودونت قسوة آهاتي.. بدأت قصتي بالآتي: سورية لن تموت!

العدد 1105 - 01/5/2024