شهداؤنا.. دمتم ودامت سورية بأرواحكم!

تعددت مصادر الشهادة وأسبابها منهم من يستشهد وهو في ساحة القتال يدافع عن الوطن وجهاً لوجه مع العدو، ومنهم من يستشهد بسبب الحرب والقتال، فكان هذا هو المتعارف عليه باسم الشهيد، لكن اليوم عرفنا أشكالاً جديدة مع رصاصات الغدر وقذائف الهاون العشوائية والسيارات المفخخة هنا وهناك، فأصبح كل مواطن رجلاً كان أم امرأة أم طفلاً أم شيخاً مشروع شهيد في المدارس، في الطرقات، في المنازل، ودور العبادة كلها مرشّحة أماكن لنيل الشهادة، لكن يبقى أسمى أنواع الشهادة التي تكون على أرض المعركة، ففيها من لا يهاب الموت ومن نذر نفسه لكي يدافع عن وطنه بكل قطرة من دمائه الطاهرة، فقد ذهب بنفسه حاملاً سلاحه نحو الجبهة يدافع ويقاتل، وهؤلاء مهما تكلمنا وأكثرنا القول عنهم فلن نفيهم حقّهم، فهم من أعطو دون انتظار للمكافأة، هم الكرماء الذين بذلوا أغلى ما يملكون، فقد رووا بدمائهم العطرة تراب سورية لتزهر فوق قبورهم شقائق النعمان التي تلونت من لون دمائهم، فترابك يا سورية غال ويستحق أن نبذل الغالي لأجله وندفع ثمنه تضحيةً وعطاء من رجال ولدوا واستشهدوا لتعيشي، ودفعوا حياتهم ثمناً لتبقي، وتبقى أرواحهم حيّة كطائر يغني باسمك سورية، باسم مجدك وعزك يا أمنا الغالية، فليحيَ رجال لولا دماؤهم ما تحطّم كبرياء الأعداء، فسلاماً لأرواحكم الذكية وسلاماً لنفوسكم المعطاءة! سلاماً لكم يا من جعلتم التضحية حقيقةً، حين لم يعد في زمننا وجود لها إلا في الأساطير والروايات.

ولأننا نحبك سورية فكلنا لأجلك وأرواحنا رخيصة لك، فالأسطورة (بوتيمار) كانت وما زالت رمزاً للتضحية والحب في آن واحد، فهي عصفورة صغيرة عشقت في يوم من الأيام البحر، فكانت كل يوم تجلس بقربه وتتأمل جماله الى أن عطشت وزاد عطشها ولم تشرب منه خوفاً من أن يخسر بعض مياهه، فظلت واقفة عطشى حتى ماتت، فضمها البحر وعانقها بمياهه وخبأها في قلبه محافظاً عليها، فظلت بوتيمار رمز التضحية والوفاء إلى الآن.

 وأما نحن فشقائق النعمان الحمراء كانت وما زالت رمزاً للشهيد والوطن، وستبقى خالدة ما دامت سورية وأبطالها يورثون مأثرة التضحية لأحفادهم، ليبقوا أحياء خالدين..

العدد 1105 - 01/5/2024