بعد دمشق… دورة تثقيفية للشباب في حلب

في إطار خطة مكتب الشباب والطلاب المركزي، وبمناسبة الذكرى 90 لتأسيس الحزب، وبالرغم من الأوضاع الصعبة في حلب، أقام المكتب الثقافي للجنة المنطقية بحلب، بالتنسيق مع مكتب الشباب والطلاب المنطقي، دورة تثقيفية للشباب الحزبيين والاتحاديين في منظمة حلب للحزب.

وقد قدمت هذه الدورة التثقيفية، وعلى مدار ثلاثة أيام، مواد نظرية فلسفية واقتصادية وسياسية، وكذلك مناقشات عملية حول التحالفات السياسية والجبهة، وشرحت بشكل تحليلي معمق على أساس علمي خط الحزب السياسي خلال سنوات الحزب التسعين، وخلال الأزمة – الحرب على سورية.

افتتحت الدورة بالنشيد الوطني ثم بكلمة الرفيق هيثم الشعار عضو أمانة مكتب الشباب والطلاب المركزي، وضح فيها المضامين الأساسية لها، وما يتطلبه الحزب من نفسه في مجال الشباب والسياسة خلال هذه المرحلة الصعبة والمعقدة من تاريخ سورية والمنطقة، مبيناً حاجة الوطن والشعب للوعي العلمي وللفهم الديالكتيكي لحركة الأحداث والعوامل الكثيرة والمتشابكة، وإبداع السياسات التي تجمع بين إمكانات الواقع الموضوعي وحلم الشعب السوري وشعوب المنطقة بغد أفضل، بتنمية اجتماعية اقتصادية وببناء الشاب السوري الواعي القادر على الفعل والممتلك لإرادة البناء رغم كل هذا الدمار.

ثم قدم في المحاضرة الأولى تعريفاً ببعض المصطلحات الماركسية، بحيث تكون مقدمة لمحاضرات الدورة، التي جمعت في كراس واحد، ووزع مسبقاً على المشاركين تحت عنوان

(كراس التثقيف الحزبي الأول).

في المحاضرة الثانية قدم الرفيق سيف الدين مصطفى، عضو المكتب الثقافي، لمحات من تاريخ الحزب، تناول فيها مقدمة تاريخية شرحت البيئة السياسية الدولية والإقليمية والمحلية التي بدأت فيها بالظهور طلائع الفكر التقدمي في مصر وفلسطين ولبنان وسورية. ثم تحدث بالتفصيل عن مرحلة التأسيس بين عامي (1922-1931)، ماراً على عام التأسيس 1924 ومفصلاً في أعوام 1925 وانطلاق الثورة السورية الكبرى ومساهمة الحزب فيها، و1931 وظهور أول برنامج للحزب الشيوعي السوري. وتابع مراحل هذا التاريخ المملوء بالأحداث والنضالات بتأسيس النقابات العمالية والتحالفات السياسية في كل المراحل وصولاً لمرحلة الوحدة بين سورية ومصر، ثم مرحلة الانفصال، فمرحلة 1963-1969 (المؤتمر الثالث) وانتهاءاً بالمؤتمر السادس، ثم معدداً مؤتمرات الحزب التي انتظمت بعد ذلك.

في اليوم الثاني قدم الرفيق عبد الله سيريس عضو المكتب الثقافي محاضرة بعنوان (مدخل إلى الاقتصاد السياسي الماركسي) وضح فيها الأسس والمفاهيم الرئيسية لهذا العلم، مبيناً حاجة العالم اليوم في ظل الاقتصاد الإمبريالي المعولم إلى استعادة هذا الفكر علماً وإيديولوجيا للخلاص من كوارث الليبرالية المتوحشة.

كما عقدت ورشة عمل بعنوان (التحالفات السياسية والجبهة) قدم فيها الرفيق أحمد سجيع عضو اللجنة المركزية للحزب أفكاراً ومفاهيم أساسية حول التحالفات السياسية من الناحية النظرية، وتكلم عن أسس التحالفات التي عقدها الحزب، وتاريخ التحالف مع أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية، وآفاق هذا التحالف ومستقبله ؛ مبيناً ضرورة التحالفات على مستوى الدول أو الأحزاب في سبيل تحقيق أهداف كل منها، ومميزاً سمتين أساسيتين لأي تحالف قائم على القواسم المشتركة، وهما: (التشابه وليس التطابق) و(التجاذب وليس التنافر)، مقدماً نماذج تاريخية للتحالفات بين الدول ومصيرها بعد تحقق أهدافها، كالتحالف بين دول (الحلفاء) لمكافحة النازية والفاشية، وكيف عادت للصراع فيما بينها بعد القضاء عليهما. وشرح كنموذج راهن طبيعة (التحالف الدولي لمكافحة داعش)، كما يطلق على نفسه.

وقد قدمت إدارة ورشة العمل ورقة استخلاصات تضمنت الأفكار التي طرحت والمناقشات والآراء المقدمة من المشاركين، وكذلك الأسئلة التي تحتاج إجابات سياسية وإجرائية فيما يتعلق بمستقبل التحالفات بين الأحزاب الوطنية السورية، في البيئة السياسية الجديدة التي أنتجتها الأزمة – الحرب التي تحيق بسورية والمنطقة.

في اليوم الثالث قدم استعراض تاريخي لنشأة الماركسية وتبيان مصادرها ومكوناتها الثلاثة، شرح فيها الرفيق هيثم الشعار البيئة التي ظهرت فيها الماركسية على مستويي الاكتشافات العلمية، والمقدمات الإيديولوجية على مستويات الفلسفة والاقتصاد السياسي والأفكار الاشتراكية. وأسهب في شرح الوعي الديالكتيكي، مطبقاً إياه على بعض مفاصل الأزمة السورية والعوامل المؤثرة فيها، مبيناً أن العالم اليوم وتشابك العوامل الكثيرة متداخلة التأثير في حركته، لا يمكن فهمه إلا وفق المنهج المادي الديالكتيكي وبالتالي الوصول لتفسير ما يحدث، للوصول إلى القدرة على التأثير فيه، لتغييره في صالح الشعوب.

وخصصت الجلسة الأخيرة لمناقشة المستجدات الأخيرة، وتم تحليل مبادرة دي مستورا المسماة (تجميد الصراع في حلب) وخلفياتها وأهدافها وآلية تعامل الدبلوماسية السورية معها، في إطار الفهم الديالكتيكي لمختلف المؤثرات المحلية والإقليمية والدولية والتناقضات التي تحكمها، وتحكم كلاً منها.

اختتمت الدورة بجلسة تقويمية قدم فيها كل من المشاركين ملاحظاته واقتراحاته للدورات التالية، مؤكدين جميعاً على استفادتهم من المعلومات والنقاشات، ومطالبين باستمرار هذه الدورات، وبمواضيع ثقافية وتاريخية، تغني معرفتهم وتعمق فهمهم لما يجري حولهم.

تخللت الدورة نشاطات فنية غنائية، جرى تعريف الشباب عبرها، بأغاني فرقة نيسان. ووزعت هدايا رمزية على المشاركين، على أمل التحضير لدورات تثقيفية تالية، مع أخذ كل الاقتراحات بعين الاعتبار، بهدف بناء نواة حزبية شبابية تضمن استمرار الحزب بامتلاك القدرة لأداء دوره الوطني.

العدد 1105 - 01/5/2024