الشخصية العامة وتناقضات الحياة

 تلعب الشخصية العامة(المشهورة) سواء كانت فنية أو أدبية أو سياسية أو رياضية وإلى ما هناك من مجالات للشهرة، دوراً رئيسياً وربما موّجهاً للكثير من الناس، لاسيما فئة الشباب، باعتبار أفعالها وأنشطتها وما تقوم به علني ومُشهر للجميع، لذا يغدو مجرد لقاؤها أو التحدّث إليها الحلم المنشود للكثيرين، فما بالك بما تقوم به من أفعال وتصرفات تمسي مع الوقت نبراساً يُقتدى.

لكن، لا يفوتنا أن هذه الشخصية بتركيبتها النفسية الداخلية هي نتاج مجتمعها بكل ما يحمله من قيم وأخلاق وموروث ثقافي بشتى أنواعه واتجاهاته، لذا، وإذا ما حاولنا الغوص عميقاً في الحياة الخاصة لتلك الشخصية نجد أنها ربما تكون في تناقض حقيقي وعميق ما بين العام والخاص، نتيجة ما ترسّخ في لاوعيها من قيم تربوية متعددة منذ الطفولة، وهو لا شكّ سيطفو تلقائياً وفي مواقف مختلفة من حياتها، لاسيما الخاصة منها، في الوقت ذاته الذي تظهر فيه للعلن وكأنها قاربت الكمال، ذلك أنها تكون مُطالبة اجتماعياً ومهنياً بأخلاقيات معيّنة ومحددة، بينما هي في الواقع خاضعة لذلك الموروث المدفون في اللاوعي.

هذا الحال، إذا ما تبدّى أو عُرف، فإنه لا شك سيُرخي بظلاله المُخيّبة على الآخرين، لاسيما أولئك الذين يتخذونها بشكل حي وحقيقي مثلاً في الحياة، فيرتدون عنها وعن قيمها بأبشع الطرق والصور، ليصبحوا بعيدين تماماً عن تلك القيم ومفاهيمها. 

إن ازدواج الشخصية ما هو إلا ظاهرة اجتماعية يحدث لدى الكثير من الناس

الذين يقعون فريسة صراع ثنائي بين نوعين من القيم والأفكار والتي تكون متضاربة فيما بينها… والخلاص من هذا الصراع يتطلب بالتأكيد إيماناً عميقاً بالأفكار والرؤى المكتسبة في محاولة جادة للتخلي عن موروث يُعيق تطور الشخصية وأهميتها المجتمعية العامة. 

العدد 1105 - 01/5/2024