الشخصيات المشهورة بحاجة لقانون خاص يحميها

 النهوض بالمجتمع يتم ببناء شخصية الأفراد والعمل على جعلهم سالمين مفيدين وإيجابيين متكاملين، وذلك من خلال تفاعلهم في الجماعة. فلكي يرتقي ويتقدم الإنسان بحاجة إلى نماذج حية من البشر يصح التماهي معها والاستنارة بهديها، يجسدون قيم العدالة والحرية والمساواة، منهم الأسرة والأصدقاء وأئمة المساجد والمشاهير، التي تفيد في نقل الأفكار والقيم والسلوكيات الصحيحة إلى الآخرين، إذ إن الموهبة قد فتحت لبعض الأشخاص فرصاً ومجالات جعلت منهم مشاهير وشخصيات معروفه سواء في مجال الاقتصاد والفن والسياسة والشعر والأدب.

ومن عادات المرء في مراحل حياته التأثّر بشخصيات معينة تكون له رافداً ومثلاً في نواحي عديدة في حياته. وفي ظل التطور العلمي والتكنولوجي والتقنيات المعقدة المستخدمة من آلات تصوير رقمية وهواتف نقالة، سهّل سرعة نقل المعلومات ونشرها، وسهوله التلاعب بها وتحريفها، مما سهل الاعتداء على هوية الفرد وخصوصياته وانتهاك حرماته، وخاصة الرموز المعروفة والمشهورة. إضافة إلى دور الصحافة المقروءة والمرئية والتنافس على نشر الفضائح الأخلاقية سعياً للربح والكسب المادي ولو على حساب حقوق الآخرين وخصوصيتهم. وعلى الصعيد السياسي أيضاً، أصبح الصراع على السلطة يحدث دوراً جوهرياً في الاعتداء على الحياة الخاصة بشتى الوسائل .

وعلى اعتبار الحق في الخصوصية من الحقوق الدستورية التي نص عليها الدستور السوري لعام 2012 في المادة 36/1 (للحياة الخاصة حرمة يحميها القانون).

أيضا نصت المادة 54 منه ( كل اعتداء على الحرية الشخصية أو على حرمة الحياة الخاصة أو على غيرها من الحقوق والحريات العامة التي يكفلها الدستور يعد جريمة يعاقب عليها القانون)

وقد نص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة 12 على أنه:( لا يجوز تعريض أحد لتدخل تعسفي في حياته الخاصة أو شؤون أسرته أو مسكنه أو مراسلاته، ولا لحملات تمس شرفه وسمعته، ولكل شخص في أن يحميه القانون من مثل ذلك التدخل أو الحملات ) .

إن عدم وجود تشريعات قانونية كافية توفر الحماية اللازمة في ظل التطور الهائل في التكنولوجيا، أظهرت عدم قدرتها على مواكبة المستجدات الميدانية رغم إمكانية تطويعها لتغطي الأفعال المحظورة في هذا المجال، منها تطبيق القواعد العامة في المسؤولية المدنية عن الفعل الضار حسب المادة 164 من القانون المدني السوري (كل من سبب ضرراً للغير يجب أن يكون مسؤولاً عنه) وأيضاً ما نصت عليه المادة 52 من القانون المدني السوري( لكل من وقع عليه اعتداء غير مشروع في حق من الحقوق الملازمة لشخصه أن يطلب وقف هذا الاعتداء مع التعويض عما لحقه من ضرر) وأيضاً ما نص عليه قانون العقوبات السوري بالمادة 712 منه في حماية الأثر الأدبي والفني، وأيضاً ما نصت عليه المادة 714 منه التي فرضت عقوبة على كل عمل من شأنه أن يمس حقوق أدبية وفنية.

 فقد تعددت طرق وأساليب الاعتداء على الحياة الخاصة عبر هذه الوسائل سواء نشر الصور بأشكال مختلفة دون إذن وبثها للناس بكل سهولة ويسر وتسجيل أحاديثهم وغيرها . لذلك فإن المشرع مدعو للعمل على وضع الآليات والأدوات التي تكفل الحماية القانونية لهذا الحق في مختلف المجالات التي يمكن أن يتحقق فيها هذا التعدي أو المساس به، فحماية هؤلاء النخبة في المجتمع ضرورة من أجل حياة خاصة هادئة آمنه، لأنهم يمثلون قدوة لكثير من الناس، وكان لزاماً على المشرع أن يجابه هذا الخطر بنصوص تكفل حماية حياتهم الخاصة على نحو متكامل وفعال، والاعتراف بهذا الحق بوصفه حقاً مستقلاً قائماً بذاته سواء أكان ذلك في نصوص الدستور نفسه أم في نصوص التشريعات العادية، وذلك بالنص على حمايته مدنياً وجزائياً ضد كل صور الاعتداء المحتملة. وهذا ما دفع الكثير من المشاهير للتخندق ضمن مجموعات لها قانونها الخاص، لأنه عندما يصبح القانون عاجزاً عن ملاحقة الجميع ويكون هناك أشخاص فوق القانون وأشخاص تحت القانون، يبدأ كل فرد في البحث عن قانون خاص به أو الاحتماء بفتاوى وغيرها تؤمن لهم الحماية الأمان

العدد 1105 - 01/5/2024