المشاهير والاقتداء بهم

 لأن الإعلام يصب اهتمامه على الشخصيات المشهورة والمدعومة من قبل تلك الشركات المنتجة أو تلك المؤسسة الإعلامية المصدرة أو المصنعة لها، فإني من موقعي كشخص عادي، أطمح دائماً لتطوير ذاتي في مجالي ومحيطي العملي والمجتمعي، ولابد لي من شخصية مشهورة أتمثل بها.

فمن حيث أني أهتم بالجمال فإن موديل (هيفاء وهبة) ربما يكون مثلي الأعلى، فأسعى بكل جهدي  إلى أن أنحت كل تفاصيل جسدي لأدنو بشكلي – قدر استطاعتي- من شكلها، فأهرول بكل ما أوتيت من مال نحو أطباء التجميل ليعيدوا تصنيعي، ومن الطبيعي ربما أن أتبنى أفكارها ومعتقداتها. 

(هيفاء وهبة) على سبيل المثال تصبح مادة أو ماركة إعلانية دعائية مغرية كالموبايل والسيارة يجري مجازياً الإقبال على شرائها من الأطباء، بمعنى تبنيها كمثل.

وكما المادة الإعلانية كذلك الشخصية المشهورة أو العامة؛ لأنها في حقيقتها قابلة للتقييم العام سلباً أو إيجاباً، ومن خلال ممارسة التشبه بها فعلياً بأنماط حياتي اليومية، وخاصة حين أنتمي لفئة المراهقين أو الشباب فإن تأثيرها عليّ يبدو أشد علانية، فأتخذ من فلان قدوة لي أتبنى سلوكه وأفكاره وربما لباسه وطريقته في الكلام، فالشاعر (نزار قباني) بشهرته الواسعة، كان وما زال له الأثر الكبير على كل الفئات العمرية، ولو بحثنا عن عدد مقلديه في كتابة الشعر، أو عمن تأثر بسيرة حياته وآرائه في المجتمع والسياسة، لما استطعنا إحصائهم. من الجيد أن نتأثر فكرياً ببعض المشاهير الذين لهم بصمات إيجابية لا تمحى. 

لا يخفى علينا الأثر الذي يدفع ويحرك لدى البعض غريزة التقليد، بسبب طريقة تقديم المشاهير على الشاشات مع التكرار، الذي يرافقه مؤثرات مغرية  ومبهرة، ما يعرض بالتالي عملية التفرد والخصوصية وربما الانتماء لهوية معينة للتشوه والتناقض، فيتخبطون بين واقعهم وطموحهم ومثلهم الأعلى.

ليست تلك الظاهرة خاصة بمجتمع معين، ولا تعتبر مرضاً خطيراً علينا معالجته، بل توجيهه والتحكم ببوصلته عن طريق الاهتمام أكثر بمقومات وسمات المشاهير، والتركيز لا على الشكل مترافقاً مع تسطيح الشخصية بل على الفكر والإبداع والجهد الحقيقي الذي بذلته في تاريخها لتصل إلى مستوى من الشهرة يؤهلها كي تكون مثلاً يحتذى به، إضافة إلى دعم البرامج الخاصة بهم بعناصر التشويق والتحفيز والإثارة للعقل والتفكير بكل أبعاده، ليس مثل البرنامج الذي أظهر الإعلامي جورج قرداحي كنجم يقتدى به حين قدم برنامج (من سيربح المليون ) الذي يهتم بتحفيز الذاكرة فقط دون أن يأخذ إلى حد ما منحىً ثقافياً فعلياً.

نريد في مجتمعنا العربي مشاهير تساعدنا كفي أن نكتشف طاقاتنا وقدراتنا المخبأة، في أن نستطيع مواكبة الحضارة الحقيقية المنتجة، لا الشكلية التجارية المستهلكة فقط.

العدد 1105 - 01/5/2024