الانقياد الأعمى للمشاهير وتأثيراته على مجتمعاتنا

 كان يقتصر مفهوم المشاهير لدينا على بعض العلماء والمخترعين والفلاسفة والأدباء الذين خلدهم التاريخ وقرأنا عنهم في بعض الكتب. أما الآن فبات هذا المفهوم مختلفاً بعض الشيء، إذ لم يعد يقتصر على أولئك الذين قرأنا عن انجازاتهم في الكتب، بل توسع وأصبح يشمل أناس عاديين سوقت لهم القنوات الكبرى ودعمتهم مواقع التواصل الاجتماعي والشركات الرأسمالية الكبرى فيما يخدم مصالحها المادية أولاً.

فقد أصبحت الشخصيات المشهورة والمعروفة وخاصة في مجال التمثيل والرياضة يؤدي دوراً رئيسياً، إضافة إلى أفراد العائلات الملكية ورجال الأعمال والأثرياء، حتى الطهاة أصبحوا يلعبون دور الحكم في ذوق المستهلك ووعي أخلاق الأفراد وفي الرأي العام محدثين بذلك أثراً كبيراً على سلوك المستهلكين وميولهم الشرائية.

أكدت أحدث الدراسات الحالية أن تلك الشركات تستغل تأثير الشخصيات في الإعلانات التجارية لأي منتج، فهم يستقطبون اهتمام الأفراد ويلفتون انتباههم للسلع التي يروجونها، وما إن تكتسب شخصية ما شيئاً من محبة الجمهور ومصداقيته حتى تسعى تلك الشركات إلى إسباغ هذه المصداقية على المنتجات والسلع التي تنتجها.

ولكن لو أردنا البحث جيداً في حياة أولئك المشاهير لاكتشفنا أن أغلبهم يعيش حياة مليئة بالفوضى وانعدام الأخلاق والتناقضات، على عكس ما يظهرونه ويدعونه أمام عدسات الكاميرا وأعين المشاهدين.

فمنهم من أودت بهم الشهرة إلى حالات الاكتئاب الشديد، وانتهت بانتحارهم، عدا الفضائح الأخلاقية التي تلحق بالكثير من هؤلاء المشاهير الذين يتبعهم الكثيرون إتباعاً أعمى.

فلو اقتصر مفهوم (الشهرة) على ما سمعناه من آبائنا، وما قرأناه من كتب التاريخ لبات الشباب العربي قدوة للعالم في الثقافة والعلم والأخلاق، ولسبقت بلداننا العربية وحكوماتنا العالم بأسره في التطور والتقدم العلمي، لكنّا نحن السباقين لتصدير ثقافاتنا وعلمنا وتطورنا إليهم، بدلاً من استيراد ثقافاتهم المهجنة وتطورهم في المجالات كافة.

العدد 1105 - 01/5/2024