صباح الانتظار

في كل يوم يبدأ نهارك بمرور سريع على الطريق نفسه من بيتك إلى الموقف، لتأخذ وسيلة مواصلات تنقلك إلى عملك، أو إلى أي وجهة تتجه إليها. 

للأسف كل يوم يُبنى على أمل جديد، لكن تشابه كل شيء في الأيام المتتالية هو ما يجعل الملل يتسرب إلى حياتنا، حتى نكاد لا نشعر بمرور دقائقها سريعاً.. فقد بتنا نعد الأيام بمجيئها ورحيلها عنا.

استقل حافلة النقل، هو الحاجز نفسه كل يوم .. الأول والثاني والخامس وأكثر من ذلك مما يتعرض إليه آخرون .. تمر سريعاً بأشخاص متماثلين يوماً وراء آخر.

قد تفقد عيناك رؤية بعضهم .. لانتقال ما، أو لفقدان ما قد طرأ على حياتهم.

حاجز، نعم إنه حاجز هو أكثر شيء حقيقي مرّ في حياتنا، هو أكثر شيء سُمي باسم لا يمكن أن تعطيه اسماً آخر معبراً أكثر من ذلك.

حاجز فصل بين الزمن الماضي، وحاضرنا الآن بكل ما نعيشه من قهر وحقوق نراها تتسابق بالسقوط حقاً تلو الآخر.

حاجز يجعلك تستغرق الكثير من وقتك في الانتظار..

حاجز فرّق ولداً عن أمه .. أخاً عن أخيه .. وأصدقاء كان لا يمكن أن يكون لواحد منهم شبيه

حاجز سرق من البلد خيراته.. حاجز وضع تحت رحمة من لا رحمة لديهم، فذهب بين الأرجل و لم يعد له سوى اسم وتذكار.

تعددت الأسباب والنتيجة واحدة.. 

صفنة طويلة، وسؤال يأخذ من تفكيرنا حيّزاً كبيراً.. إلى متى..؟

حقاً إلى متى..؟

من تجربة شخصية يتمرد بها من يدّعي حماية الوطن، ليتصرف بقرار شخصي ويدعك تسمع لدوافعه غير المبررة .. حقي نعم هو حقي .. شارع أمر به في بلدي.. إلى متى سأمنع من المرور به بحريتي.

لو كان هذا الحاجز يحجز الموت، لقلت دعوه و دعوه آلاف السنين..

أربع سنوات، والخامسة تطرق باب رحيلها بعد زمن، ومازال الوضع غير مبشّر بأي شيء..

تراجع كبير في عدد من يقطنون بلدي .. تبادل بشري بين الدول … غياب من نحب عن أعيننا، كل هذا كيف سنستطيع تحمّله بعد … تكرار الأشياء يخلق العادة، فكيف إذا كانت هذه العادة تدفع بأرواحنا للموت قبل موت الأجساد، عادة جعلت الكثير من الشباب والفتيات يتعدّون خط الرأفة، لتصبح القسوة واللاّ رحمة معششة في قلوبهم.

ليتنا نبدأ بخطوة واحدة أولى، فقط أن نغيّر مسار الدائرة المغلقة التي نعيش بداخلها، ربما نتمكّن مجدداً من رسم طريق آخر يكون فيه باب الأمل والتفاؤل بالمستقبل المشرق قريب..

 أن يحدَّد ما هو ضروري أكثر .. أن يعود ويُدرس من جديد توزيع النقاط الأهم لوجود هذه الأزمة التي خلقناها بأيدينا في مفرق كل طريق، لربما بعد زمن نأمله أن يكون ليس ببعيد، زمنٍ يتلاشى فيه كل شيء، ويعود أكسجين الحياة يملؤ صدورنا مثل قبل.

العدد 1105 - 01/5/2024