متى تنتهي اللعبة؟!

كانت بلاد الشام منذ مئات السنين مطمعاً استراتيجياً بحتاً..

ساهمت العديد من الدول بالتّورط في تدنيسها كلٌّ حسب استطاعته سواء كان فكرياً أم مادياً وتطبيقياً…

لنعد قليلاً إلى ما قبل 1948 كان الوطن العربيّ فريسة دسمة ومُنْهكة، فالانقضاض عليها سهل.. ولذيذ!!

كان الوطن العربي الأمة التي ضحكت من جهلها الأمم!!

لندخل في الموضوع، بعيداً عن السياسات الصغرى التي تحيط بنا وتشغلنا عن سياساتهم الكبرى، يجب علينا أن نتفكّر …

كانت احتلالات الوطن العربي قديماً لعبة تمويه لنصبح تحت الأمر الواقع..

لنفاجأ بعد انشغالنا بالاحتفاظ بأرضنا أننا كنّا نرسل فلسطين إلى أحضانهم دون أن نودّعها، دون أن نقول الجمل المعتادة في مراسم الترحيل:

(مع السلامة)! لأننا نعرف أنّ السلامة لن ترافقها بعد اليوم (إلى اللقاء)! لأننا تنبّأنا بأن لقاءها مجدداً لن يحدث!!

حاكت الدول العظمى سياستها لاستغلال آخر قطرة نفط في الوطن العربيّ، وتعثّرت سنّارة الحياكة عند بلاد الشام !!

عندما يكون الخصم قوياً، يدفع باللاشعور مقابله إلى مضاعفة شجاعته .. حتى ولو بعد مئة عام !!

كنّا خصمهم القويّ الذي دفعهم لمليرة المضاعفات لكسرنا!!

لم تبدأ الأزمة في سورية فقط، بل في كلّ البلدان، كما أنها أيضاً لم تخلق فجأة..

 لأنّ ما يحصل اليوم مُخطط  له منذ ذاك الوقت..

فمن إحدى الخطط القديمة لدى الدول الكبرى الذكية:

(بدلاً من أن نحارب المتّفقين، نُخلف المتفقين، يحاربون بعضهم هم، نخرج نحن دون خسارة سلاح، ونكسب الملك، و يخسرون كلّ شيء هم!)

الحروب الأهليّة: كانت خطتهم الناجحة دائماً و مازالت إلى اليوم..

أصاب الوطن العربيّ في فترة ما قبل الأزمة الجديدة (2011) حالة ركود أو هدوء لإخلاء الجوّ الصافي للسّاسة الكبار بالتفكير العميق حول كيفية العودة إلينا..

ابتعدت الأجيال الجديدة كلّ البعد عن الدراسة والثقافة والسياسة، وحتى عن الاطّلاع. فقد أرسلت لها العولمة ما هو مناسب أكثر لتنويمها مغناطيسياً، فتصبح جاهزة تماماً حين قرع الطّبول وإعلان حربهم!!

شاهدنا هذا بأمّ أعيننا منذ عام 2011 في بداية الأحداث في سورية، والدليل الأكبر على أنّ ما حدث هو تنفيذ خطير لخططهم أنّ شعبنا إلى اليوم لا يعرف جريمة ذبح سورية من اقتراف من؟! و بأي دافع؟!

نفّذ الساسة خطتهم المعتادة في الفتنة بين الشعوب، غير أنها نجحت في تغذية نزعتنا الطائفيّة!!

في كلّ مباراة يجب أن يكون من ضمن شروط اللعبة استراحة بين الشوطين، لم تمتلك سورية تلك الاستراحة..

تجازف حتى الرمق الأخير دون أن تعرف من هو ذاك العدوّ المتخفّي خلف القناع!!

اليوم كلّ شيء يسير حسب الخطّة التي رسمتها إسرائيل بعد أن اعتقد العرب أنّها اكتفت بالقدس.

ظهرت إسرائيل مجدداً تطالب خِفيةً .. بالمزيد!

زعزعت الأزمة السورية كلّ لحظات الأمان  تحصل الدول الكبرى على أجزاء سورية تباعاً تحت مسمى (تنظيم داعش)

ابتداءً من النفط إلى الحجارة .. حتى الحجارة!

السويداء بلد البازلت، بلد الجبال والتراب و رائحة الوطن  ماذا يريدون منك؟!!

دخلت السويداء لعبتهم القذرة بعدما كانت هذه المدينة بعيدة كلّ البعد عن مناوراتهم و مقايضاتهم، فالسويداء فقيرة استراتيجياً و بترولياً إذا صحّ القول!

أصبحت اليوم النقطة المركزية للحرب القادمة، أصبحت السويداء حصّة إسرائيل القادمة..

أصبحت مكان استعراض مواهب الساسة على أرضها ..!

على وجه خاص أصبحت السياسة حديث الصغار قبل الكبار حتى لو من دون فهم!

خلقت الأزمة أغبياء كُثراً و أشقياء كُثراً!!

نحتاج اليوم إلى جيل نظيف من عولمتهم.. مضاد لأمراضهم ، محارب لخططهم، جيل يعرف أن اللعبة ستنتهي بسقوطنا .. وثمّ سقوط القدس.. لتتبعها الحرب العالميّة الثالثة.

العدد 1105 - 01/5/2024