مطلوب قانون لحماية الإنسانية

 استُخدم العنف لردة فعل أولى عن نفسه ووسيلة مناسبة يدافع بها بشريّ لا يفقه شيئاً حول المجتمع وآدابه وأخلاقه. و سُرق ذاك الأسلوب في التعامل الفظ عن طريق الحيوان غير المدرك الذي يأخذ كلّ مايريده عنوةً وبالقوّة، فتناول البشر هذه الطريقة ونُقلت على أنها ستكون تركات للأحفاد البشريين القادمين!

وبعدما استطاع البشريّ آنذاك أن يميّز بين الإنسانية والحيوانية والفرق الكبير بينهما، بات النضج يكتمل على أنّ الوصول إلى المجمّع الإنسانيّ يوجب الابتعاد عن غابات الحيوان والعيش وسطها، ذلك حين عرف تماماً أنّ مايميزه عن تلك الكائنات هو العقل، وأنه يعيش الآن في مجتمع يفرض على نفسه قوانين أخلاقية وآداب!

وعليه، فهذا يكفي ليتبيّن معنا أن كلمة (عنف) أضحت مهينة للإنسانية البحتة، لكن ليس بالضروري على كلّ (إنسان) أن يبتعد عن (العنف) فيبدو واضحاً أنّ الناس أجمع تنتقد الشذوذ اللاإنساني الذي يحدث تجاه البشرية سواء كان جسدياً أم نفسياً.. إلخ!.تواجه البشرية في العالم كلّه أنواعاً عدّة من التعنيف، من الجسدي بدايةً بالتعنيف المعنوي إلى كلّ ما يتلوه من أنواع.

ويعتبر التعذيب الجسدي إحدى الممارسات العنيفة التي يمارسها أشخاص لغاية ما ربما تكون نابعة عن معتقدات بيئية أو ربما تكون بدافع عقد وأمراض نفسية يستخدمها الجهلة للتعبير عن موقف اتخذوه بطريقةٍ أو بأخرى, شهد هذا العالم أنواعاً عدّة من التعنيف في كلّ الأصعدة التي انتُهكت بسببها حق معظم الأشخاص بالتعبير عن رغبتهم!

طال العنف في حدّ كبير المرأة أولاً والطفل ثانياً والإنسانية أخيراً فما الاغتصاب إلا مثالاً هاماً عن العنف الجنسي الذي تعانيه المرأة في معظم المجتمعات التي تُسلب فيه حريتها في التعبير وما يتبع هذا التعذيب من أذىً ملحوظ على جسدها..!

ولم يكُ الضرب المبرح للزوجة إلا إهانة لمكانتها وشخصيتها بصفتها إنسانة وعنصراً في هذا المجتمع، ومع الأسف مازالت المرأة في معظم المجتمعات تُعامل على أنها جارية تُفرض السلطة الديكتاتورية عليها، توبّخ وتؤذى دون مراعاة لكرامتها وإنسانيتها!

أما الطرف الآخر الذي يطاله الوجع ذاته فهو الطفل، إذ يُعاني الأطفال حول العالم من انتهاكات لبراءتهم المنشودة، فيكبر الطفل قبل أوانه حاملاً عذاباته وغصّاته فوق رأسه.

ساهمت العديد من الجهات الحيوانية في زرع الرعب في نفوس الصغارالعرب على وجه خاص ليكبروا صامتين منتظرين العذاب الأكبر فيما يأتيهم لاحقاً سواء من السلطات والطبقات البرجوازية، أو عبر سياسات الغرب الداعية إلى استغلال الشعوب وتفقيرها ونهب خيراتها. ونال المشردين والفقراء الحصة الأكبر من ذاك الاستغلال والاستضعاف لحالهم التي شهدت الإهانة بكلّ وجوهها.

اعتُبرت الأزمة السورية أكبر مثال عن الذلّ الذي عانته أسرها من التشرّد في أسربة القطعان البشرية، وكان المعنى الحقيقي لانتهاك كرامة المرأة في سرقة جسدها منها أمام أهلها. فكان ذاك العنف الذي طال الإنسانية كلّها من اغتصابٍ للحرية إلى اغتصاب الروح والجسد!

وهذا الواقع المخجل كشف لنا حقيقة عيشنا التي أعادت شريعة الغاب لتعشش بيننا، فيغتصب الحق! ويؤكل لحم الأخ نيئاً!!

بعدما عانت المجتمعات من أجل خلق حضارات للتوصل إلى مجتمع مدنيّ يودي بنا لحياة مُثلى، جاءت بعض القمامات التي صرّحت بأنها ستمنع المحرمات بطريقة خجلت الجاهلية أن تستخدمها بالذبح والقطع وشرب الدماء، وقامت بنهي المنكر وساهمت بفعله.

ومع الأسف الذي يحصل اليوم سواءً عندنا أو عند غيرنا من المجتمعات معيب بحق الإنسانية! كفانا إهانة لها، لقد باتت بحاجة إلى قانون يحميها!

العدد 1105 - 01/5/2024