حلب تحت النار دون رحمة

 تُعتبر الحرب الجارية في سورية من أشد الحروب التي شهدها العالم وأشرسها وأكثرها دموية، وقد اعتاد السوريون رؤية القتل والدمار والقصف وكأنها إحدى عاداتنا اليومية بتنا نمارسها دون أي إحساس بالألم، وكأن مشاعرنا تبلّدت وتجمّدت لدرجة أننا أصبحنا بحاجة إلى صعقة كهربائية تعيدنا إلى الحياة وإلى إنسانيتنا من جديد. فلم تقتصر الحرب في بلادنا على الحالة الاقتصادية فقط، وإنما شملت أيضاً كل نواحي الحياة وخاصة الاجتماعية، فقد بتنا نرى عادات جديدة وانحلالاً للأخلاق لدى الكثيرين، ودخول مفاهيم تزيد الوضع الحالي سوءاً، إضافة إلى ما ألحقته الحرب من ضرر وتأثير في الوضع النفسي لدى الناس.

أما ما تعرضت له مدينة حلب فهو الأسوأ على الإطلاق، فمنذ سنتين تعرضت لحصار اقتصادي قاسٍ جداً وفقدان للمواد الغذائية الرئيسية، وذلك بسبب قطع الطرق والمداخل الرئيسية للمدينة، فضلاً عن انقطاع التيار الكهربائي بشكل شبه تام، واستغلال تجّار الأزمات حاجة الناس ببيع بدائل للكهرباء، بأسعار جنونية دون أي شعور بالرأفة والرحمة، إضافة إلى انقطاع المياه في غالب الأحيان، حتى بدأ الناس هناك بحفر الآبار للحصول على المياه.

هذا من الناحية الاقتصادية، أما ما عانته حلب من الناحية الاجتماعية فعدا هجرة نسبة كبيرة من أبنائها داخل سورية أو خارجها، فقد باتت تعاني من فقدان للأمان بنسبة تزيد عن 70% وذلك بسبب شراسة الحرب الدائرة هناك، وانعدام الأخلاق لدى الغالبية الساحقة، وانتشر الخطف والقتل والسرقات بشكل كبير جداً.

وما إن بدأت تتعافى من آثار الحصار الذي تعرضت له لمدة سنتين، حتى تعرضت لأبشع هجمة بحق المدنيين، فمنذ نحو أسبوعين وهي تتعرض للقصف الشديد بأشكال مختلفة، فذهب ضحية ذلك مئات الأبرياء فضلاَ عن الخراب الذي لحق بالأبنية والمشافي والأملاك الخاصة والعامة…دون أدنى ذنب لهؤلاء الأبرياء في كل ما يحصل. فما حدث في مدينة حلب كان من أشد الجرائم التي تعرضت لها البشرية على مر التاريخ، وعلى الرغم من القيام بالكثير من الحملات على مواقع التواصل الاجتماعي والتنديد الذي أعلنته غالبية الحكومات والمنظمات، إلاّ أن كل ذلك لم يستطع إيقاف تلك الجرائم والخراب في حلب.

لكن، نحن السوريين ما يجب علينا القيام به كحد أدنى، هو جمع مساعدات والقيام بحملات وتجهيز فرق تطوعية، وأن نقول كفى.. أنقذوا الأبرياء. كفى أوقفوا الحرب لا في حلب وحدها، بل في كل سورية، وإن لم نساعد بعضنا كسوريين، لن يساعدنا أحد وسيبقى العالم بأسره ينظر إلينا بعين الشفقة فقط.

العدد 1105 - 01/5/2024