لسنا أضاحي… كفى موتاً!

 خمس سنوات والموت ما زال مرخياً بظلاله على أرواحنا….

مئات الليالي انقضت والدموع رفيقة العيون المسهدة….

أحلامٌ لم يكن لها أن ترى النور فتتحول واقعاً…..

ضحكاتٌ اختنقت فأمست نشيجاً يملأ المدى…..

خرابٌ مؤلمٌ أصاب الأرواح والأمكنة…..

دمارٌ موجعٌ مسَّ كل شيء، الإنسان والحجر والنبات والآثار، كل شيء!

رحيلٌ وفراق، تشتتٌ وتشرذم، حقدٌ وكراهية….

الدم متشبثٌ بكل شيء!

والقهر ساكنٌ في كل الأرجاء!

والموت بالمرصاد، إن لم يكن بالنار الآتية من الرصاص القادم من هنا وهناك، فهو آتٍ لا محالة من الفقر المدقع والغلاء الفاقع الذي بات لا طاقة تحتمله..ها قد دخلت الحرب اللعينة عامها السادس، ونحن محكومون بالأمل بنهايتها، بالفرج المرتقب، نلهث ساعين لإعلان ساعة الصفر التي تعلن مولد يومٍ دونما قهرٍ أو لوعةٍ أو ألم.. لكن وللأسف، كل يومٍ يأتي يكون أقسى وأشد مضاضةً من سابقه، وعلى كل الصعد..

لا حيلة باليد نملكها لوقف هذا الجنون الذي لا سابق له على مر عصور البشرية جمعاء، التي سبق أن شهدت من الويلات الكثير، إلا أن ما يحدث بك ولك يا بلادي لم ولن يحدث أو يتكرر في التاريخ!..فالكلمات باتت عاجزةً عن المضي لمتابعة الوصف.. حتى اللغة لم تعد تتسع لمفرداتٍ قادرة على التعبير عما يجري ويستمر، فمع كل خطوة دبلوماسية، أو مؤتمر دولي ترانا نجدد الأمل بأن الفرج بات قاب قوسين أو أدنى..

إلا أن الخيبات تتتالى، والقهر يتراكم، والأسى يتعاظم، ونحن نرى الفشل الذريع محدقاً بكل خطوةٍ من شأنها أن تحدّ من كل هذا الرعب المُعاش والقلق المزمن… أما آن لهذا الشعب الصامد أمام كل ذاك الخراب والدمار والكوارث، أن يرى نور الشمس الساطعة بصفاء دون أن تكون ملبدةٌ بضباب الموت؟

أما آن لصنّاع الموت أن يشبعوا من الدماء التي سُفكت والأرواح التي سُلبت؟

أليس من حقنا أن نرى الفرح الحقيقي في عيون أطفالنا الذين كبروا قبل أوانهم، واغتيلت براءتهم؟

للذي أعطى لنفسه الحق بأن ينذر دماء أبناء بلادي وأرواحهم، وأشجارها، وأحجارها قرباناً، صرختنا هذه بأن كفاكم لعباً بالموت، كفاكم ما حصدتم، وكفانا ما دفعناه ثمناً لجشعكم وحقدكم وأطماعكم ونحن لا ناقة لنا ولا جمل!

فلتمضِ آلة الحرب بعيداً من هنا.. إن ثمنها كان باهظاً جداً!

إيناس ونوسلسنا أضاحي… كفى موتاً!

العدد 1107 - 22/5/2024