عمل المرأة فضلٌ على المجتمع

 ما زالت فكرة رفض عمل المرأة مُنتشرة على نطاق واسع في العديد من البلدان، ويؤمن بها عدد لا محدود من الأشخاص حول العالم دون وجود أيّة مبرّرات مُقنعة لذلك الرفض، حيث تجهل النساء في تلك المجتمعات حقهن في الحصول على التعليم والمعرفة، إلاّ أننا إذا أردنا مقارنة الوضع الحالي مع معاناة المرأة في هذا الجانب سابقاً سنجد تحسّناً ملحوظاً وتطوّراً كبيراً جداً على صعيد العمل، وعلى صعيد تقبُّل المجتمعات الذكوريّة تحديداً لهذه القضية، وعلى صعيد آخر هناك العديد من الجمعيات والمؤسسات التي تسعى بشكل جاد إلى منح المرأة حقوقها الكاملة، ويضمن ذلك حقها في التعليم والعمل، من خلال توفير فرص العمل المهني للعديد من النساء، والعمل الأكاديمي لصاحبات الشهادات العلمية المختلفة، فمن إيجابيات عمل المرأة أنها تثبت نفسها وتحقق لنفسها كياناً اجتماعياً راقياً فما الفائده إذا كانت المرأة تتعلم ولا تعمل؟

فحينما تعمل المرأة تحقق ذاتها، وتستطيع أن تكون قدوة صالحه لأبنائها. وعلى الرغم من تحسّن أوضاع المرأة في العمل، ودخولها إلى معظم القطاعات الاقتصادية، إلا أنها ما زالت تُعاني من معضلة التمييز بينها وبين الرجل، وعدم التكافؤ بينهما في الفرص والدخل، والمشكلة هنا لا تكمن في التفرقة والتمييز بين النوعين فحسب، وإنما في ضعف الاقتصاد الوطني الذي تُهدر فيه قواه البشرية، فمشاركة المرأة في العمل ما زالت متدنية وبخاصة في الوظائف الأكاديمية.

لكن هذا لا ينفي أن نساء كثيرات هنَّ المصدر الأساسي لإعالة ذويهم، كالسيدات الأرامل اللائي يُعلن أولاد ولا يوجد زوج ينفق عليهم، أو المطلقات اللائي هجرهنَّ أزواجهن وترك أطفاله معها دون دخل أو عائل لهم. كما أن بعض الفتيات يعملن للإنفاق على أسرهنَّ الفقيرة التي فقدت العائل لها.

لقد تعرض عمل المرأة للقبول والرفض ولكثير من الانتقادات، إلاّ أنه بقي في جوهره ثابتاً، فالفكر الجديد ينطلق من أسس الاقتصاد الجزئي، الذي ينظر إلى الأسرة كمؤسسة أو شركة اقتصادية صغيرة، يقف فيها الرجل والمرأة أمام قضية تقسيم العمل وتقسيم الوقت، أي أن يقوم الرجل والمرأة باقتسام العمل في الشركة والبيت.

وهنا لا يتركز الحديث عن التمييز ضد المرأة، وإنما التركيز على مبدأ الميزة التفضيلية التي تنص على العقلانية الاقتصادية في الاختيار بين العمل في الشركة والعمل في البيت، ذلك أن رأس المال البشري (الكفاءة التي يتمتع بها الشخص) هو في حدّ ذاته استثمار، وينبغي الاستفادة منه في الحد الأقصى.

ومن أهم إيجابيات عمل المرأة مساعدة الزوج في تحمّل مصاريف الأسرة وتعليم الأولاد وشراء أي مستلزمات للمنزل، وهذا ما دفع الكثير من النساء للعمل، ذلك أن بعض الرجال يقومون بأداء عملين في يوم واحد لتغطية مصاريف المنزل، خاصة في مجتمعاتنا العربية، وبما أن المرأة لا تستطيع مواصلة العمل كالرجل لأسباب كـ( الحمل والولادة)، فإن عائد الاستثمار يكون أكبر في حالة عمل الرجل منه في حالة المرأة، فهي قضية حسابية وليست قضية تمييز ضد المرأة.

يذكر أن عمل المرأة اليوم هو اعتراف بقدراتها، وهو فضل على المجتمع لأنها تتحمل أعباءها وأعباء الرجل في آن.

 

العدد 1105 - 01/5/2024