الفحص السمعي ينبئ بالعودة من الغيبوبة

يمكن التنبؤ بفرص مرضى الغيبوبة بالنجاة والعودة إلى الحياة، عن طريق التغيّرات في قدرة الدماغ على تمييز الصوت. هذا ما توصلت إليه أحدث البحوث العلمية. لقد تم الربط سابقاً بإمكان العودة من الغيبوبة والوظيفة السمعية، ولكن لم يكن واضحاً ما إذا كانت هذه الوظيفة تُعتمد في وقت التقدير أو التخمين. فقد اختبرت الدراسات السابقة المرضى عدة أيام أو أسابيع بعد الغيبوبة، بينما تنظر الدراسات الحديثة إلى الفترة الحرجة خلال ال24 ساعة الأولى للغيبوبة.

يفيد الباحثون أن الدماغ الذي يعاني الغيبوبة يبقى في المراحل المبكرة للغيبوبة قادراً على التمييز بين النماذج المختلفة للأصوات، كما أن كيفية تطور هذه القدرة مع مرور الزمن تستطيع أن تنبئ ما إذا كان مريض الغيبوبة سينجو ويستفيق مجدداً أم لا.

يقول طبيب الأمراض العصبية في الصندوق البلجيكي الوطني للأبحاث العلمية ميلاني بولي، إن هذه الخاصية تشكل أداة واعدة في القدرة على التنبؤ، بعودة مريض الغيبوبة إلى الحياة مجدداً، الأمر البالغ الأهمية لذوي المريض وأهله.

لقد قام الفريق الطبي من جامعة (لوسانا) في سويسرا، والذي تقوده طبيبة الأمراض العصبية مارتسيا دي لوتسيا، بإجراء الدراسات على ثلاثين حالة غيبوبة ناتجة عن ذبحات قلبية، والتي تمنع وصول الأوكسجين إلى الدماغ، وذلك بعد تعريضها إلى علاج تخفيض الحرارة، وهو العلاج القياسي لتقليل الضرر عن الدماغ، والذي يتم من خلاله تخفيض درجة حرارة الجسم إلى 33 درجة مئوية لمدة 24 ساعة. قامت الدكتورة دي لوتسيا وزملائها بتعريض هؤلاء المرضى إلى أصوات مختلفة، وتسجيل النشاط الدماغي لهم بواسطة أقطاب دماغية. مرة خلال فترة علاج التبريد خلال ال24 ساعة الأولى من الغيبوبة، و مرة ثانية في اليوم الثاني تحت درجة حرارة الجسم الطبيعية، وقد كانت تلك الأصوات عبارة عن نغمات صافية متداخلة مع أصوات مختلفة الاهتزازات و الطول و الموقع.

تشير إشارات الدماغ خلال التجربة إلى مدى قدرة دماغ المريض على تمييز هذه الأصوات مقارنة بخمسة أشخاص أصحاء خضعوا لنفس هذه الأصوات. بعد ثلاثة أشهر استفاق بعض مرضى الغيبوبة و بعضهم الآخر توفي. المرضى الذين تحسنت استجابتهم للأصوات منذ اليوم الثاني للفحص استفاقوا، أما الذين تدهورت لديهم تلك الاستجابة فقد توفوا.

وجد طبيب النفس الفيزيائي الدكتور غيرت فان بوكستل، من جامعة تيلبورغ في هولندا، مفاجئاً أنه بغض النظر عن النتائج، أن التسجيلات الأولى لكل المرضى أظهرت إشارات من التمييز السمعي. تقول الدكتورة دي لوتسيا معتقدةً أن الوظيفة السمعية المتبقية بعد الغيبوبة لا تنبئ بذاتها عن إمكانية النجاة، بل تطور هذه الوظيفة خلال الوقت. لم تستطع الدارسة أن تميز ما بين كون الوظيفة السمعية المتبقية قد حفظت نتيجة لعلاج التخفيض الحراري، أو أنها كانت تعود إلى مرحلة سابقة بعد الغيبوبة، لكن العلماء يعتقدون أن تشويش الهذرمة العصبية يمكن أن يكون قد قلّ خلال العلاج بالتخفيض الحراري، مما جعل دماغ المريض أكثر تمييزاً للأصوات.

تقوم الدكتورة دي لوتسيا اليوم مع فريقها بمتابعة هذه الدراسة على 120 مريضاً، لمعرفة ما إذا كانت النتائج مماثلة في التجمعات الأكبر. يستطيع هذا الاختبار أن يبين لنا منذ الايام الأولى للغيبوبة من منَ المرضى سيعيش، ومن لن تكتب له الحياة.

 

مترجم عن (سَيَنس نيوز)

للكاتبة تانيا لويس

العدد 1104 - 24/4/2024