التحفيز الدماغي يغير عوارض الاكتئاب

يمكن تغير عوارض الاكتئاب بإظهارها أو إخفائها عند الفئران لدى قلب المفتاح. وجدت دراستان جديدتان أن تحفيز أو تثبيط خلايا دماغية محددة بواسطة الضوء الليزري يسبب تغير عوارض الاكتئاب لدى الحيوانات. على الرغم من أن التجارب قد أجريت على القوارض فإن النتائج لها ارتباطات وثيقة الصلة بمرض الاكتئاب لدى الإنسان، كما تقول طبيبة الأعصاب هيلين مايبرغ من جامعة إيموري للطب في أتلاتنا. إذ يمكن من خلال هذه الطريقة الجديدة تحديد مواقع التحفيز في الدماغ البشري التي يستطيع الأطباء تحفيزها من أجل معالجة مرض الاكتئاب لدى البشر. وقد استُفيد من هذه النتائج عن طريق تقنية الإبتوجينيتيك التي تسمح للعلماء من السيطرة على الخلايا العصبية بواسطة حزمة صغيرة جداً من الضوء البصري. في هاتين الدراستين تعاملت المهندسة مع الجرذان جينياً للتمكن من الاحتفاظ بالبروتينات العصبية التي تستجيب للضوء. وتمكن الباحثون من جعل خلايا عصبية محددة تقوم بإرسال الرسائل العصبية من خلال إضاءة الضوء الأزرق ووقف هذا الإرسال عن طريق إضاءة الضوء الأصفر.

تتموضع هذه الخلايا العصبية والتي تنتج الوسيط أو المرسل الكيمائي دوبامين في المنطقة البطنية السقيفية في الدماغ، البقعة التي تعرف بالتعامل مع المكافآت. يمكن الاستفادة من هذه الطريقة لدى البشر، إذ يمنع الاكتئاب الشخص المريض من الاستجابة الطبيعية إلى الأشياء المفرحة في الحياة. ومضة واحدة لحزمة ضوئية صغيرة كان لها هذا التأثير الفعال على تصرفات الفئران، يقول طبيب النفس والأعصاب كارل ديسيروث من جامعة ستانفورد. وأضاف: (لقد كان هذا مذهلاً بالنسبة لنا). تعتمد النتائج اعتماداً مفاجئاً على نوع الضغوط العصبية التي تعرضت لها الفئران، فالفأر التي تعرضت لما يعد ضغطاً نفسياً مزمناً بدرجة شدة منخفضة لعدة أيام، كانت لديها عصبونات الدوبامين تلعب الدور المباشر والرئيسي في ظهور وعوارض الاكتئاب انحسارها، فهي التي كانت تحرك عجلة نشاط الخلايا العصبية وتؤدي لزوال هذه العوارض أو تثبط نشاط تلك الخلايا، وتؤدي لظهور هذه العوارض التي تجلت في حالة البؤس وعدم الرغبة بالأشياء المبهجة (مثل السكر والماء).

في الدراسة الثانية التي قام بها مينغ هو هامن، من مدرسة مونت سيناي للطب في نيويورك، اختُير دور الخلايا نفسها في التصدي للضغوط النفسية الشديدة والحادة. فبعد تعريض الفأرة إلى دفعة شديدة من الضغط عن طريق وضعها مع فأر متسلط، وبنتيجة نشاط أكثر ضعف لخلايا الدوبامين، ابتعد الفأر عن الفأر الثاني المتسلط في اليوم التالي. كما أن هذا الفأر فقد رغبته في السكر الشهي والماء. وجد هان وفريقه أن نشاطاً معيناً للخلايا للعصبية والمشبه (بآلة الإطلاق) فجرت إطلاقاً سريعاً وسببت هذا التغير. بينما النموذج الأبطأ والثابت لم يؤد إلى التغير نفسه.. إضافة إلى دراسة الخلايا العصبية في موقعها الأم، الذي هو المنطقة البطينية السقيفية، فقد استُكشفت اتصالاتها الخارجية وتبين أن الخلايا العصبية وحدها، وهي التي ترسل رسائلها إلى المنطقة الدماغية المسماة المنحنى أو القوس اللبي (nucleus accumbens)، أدت إلى حدوث التغيرات في عوارض الاكتئاب.عن طريق دراسة أكثر تفصيلاً لهذه الخلايا وهذه الطريقة يستطيع العلماء أن يصلوا إلى فهم أعمق لكيفية تطوير الدماغ لحالة الكآبة أو التخلص منها. وبهذه الطريقة وخطوة خطوة نستطيع أن نجمع أجزاء الأحجية. إنها طريق طويلة بدأت، ولكن الأهم أننا وضعنا قدمنا على مسارها الآن، كما يقول ديسيرون.

 

عن (لاورا ساندرا)

مجلة (سينس نيوز)

العدد 1104 - 24/4/2024