التغيّر المناخي سيجلب مزيداً من العواصف الشتوية الرهيبة

لا يمكن ربط حدث مناخي واحد بتغير المناخ بشكل مباشر. لكن، على حين يزداد كوكب الأرض حرارةً، فإن بإمكان المرء توقع المزيد من العواصف على غرار العواصف التي شهدتها مؤخراً أجزاء عديدة من العالم. هذا ليس لأن عاصفة ما يمكن ربطها بارتفاع مستويات ثاني أكسيد الكربون في الجو أو ارتفاع درجات الحرارة في كوكب الأرض. من المستحيل القيام بمثل هذا الربط، ولكن لأن ازدياد وتيرة عواصف الشتاء هو بالضبط ما يمكن أن يتوقعه المرء في عالم يزداد حرارةً. في هذا الصدد، يقول مايكل مان؛ مدير المركز العلمي لنظام الأرض التابع لولاية بنسلفانيا، لموقع (ليف ساينس) الإخباري: (ليس في الأمر أي تناقض)، مضيفاً (فهذا هو ما تتوقعه النماذج: سنرى مزيداً من هذه التساقطات الثلجية الكبيرة جداً).

الطقس مقابل المناخ

في كثير من الأحيان تبرز على السطح أسئلة حول المناخ حين يكون الطقس قاسياً، إذ تثير فترات الجفاف وموجات الحر تعليقات حول مشكلة ارتفاع ثاني أوكسيد الكربون. وخلال العواصف الشتوية، يتساءل المشككون لماذا يتعين عليهم إخراج سياراتهم من بين أكوام الثلج في عالم يُقال إن حرارته آخذة بالارتفاع. إن ربط تغير المناخ بنظام مناخي واحد أمر غير منطقي، كما يجادل علماء الأرصاد الجوية. وفي هذا السياق، يقول (كن كالديرا) كبير العلماء في معهد كارنيغي للعلوم بجامعة ستانفورد، لموقع (لايف ساينس) الإخباري: (ليس ثمة حالة طقس معينة تستطيع في حد ذاتها تأكيد أو نفي مجموع المعرفة العلمية المتصلة بتغير المناخ. إن المناخ عبارة عن إحصائيات للطقس على امتداد فترة طويلة). إلى ذلك يقول مايكل مان: (عوضاً عن ذلك، فإن تغير المناخ يشبه زوجاً من مكعبات النرد التي جُعل أحد أضلعها أثقل من الأخرى. وإذا مسحتَ رقم 5 على ضلع مكعب النرد واستبدلته برقم ،6 فإن احتمال حصولك على الـ6 يزداد بالضعف). ويضيف: (لقد أصبح تغير المناخ اليوم جزءاً أساسياً من كل رمية نرد… لقد ازدادت الاحتمالات).

عواصف أقوى

ولكن احتمالات ماذا؟ النماذج تشير إلى أن الجواب هو عواصف أكبر وأقوى، وذلك لأن ارتفاع درجة حرارة الهواء في الجو يمكن أن يحبس مقداراً أكبر من الرطوبة، كما يقول مان، وتكثيف تلك الرطوبة هو الذي يضع طاقة أكبر في أنظمة العواصف. إن المسألة هنا تتعلق بما يمكن أن نسميه (ضربتان مزدوجتان ومتتاليتان). فالعواصف تصبح أكثر قوة لأنها تحتوي على كمية أكبر من الرطوبة. وحسب مان، فإن العواصف في الولايات المتحدة قد تجنح أكثر نحو الشمال، إذ يُتوقع أن يتعرض الساحل الشرقي للبلاد للمزيد من العواصف القادمة من الجنوب. ويقول إن أمريكا الشمالية لن تشهد ارتفاعاً في الحرارة إلى الدرجة التي تختفي فيها الثلوج، وإنه عندما يلتقي الهواء البارد بالهواء الرطب جداً، فإن النتيجة تكون تساقطات ثلجية يرجح أن تكون كبيرة. كما تشير بعض البحوث إلى أن ارتفاع حرارة كوكب الأرض يمكن أن تغذي عواصف رعدية أكبر أيضاً.

يرى ديفيد روبنسون؛ البروفسور بجامعة (روتجرز)، وعالم المناخ في ولاية نيوجرسي: أنه مازال ثمة الكثير من الشوائب في البيانات التي يجب تصنيفها قبل أن يتمكن علماء المناخ من توقع تأثيرات الطقس المحلي الناتجة عن تغير المناخ. ويضيف روبنسون: كم من فيضان ينبغي أن نشهد في فترة 20 عاماً قبل أن نقول: (حسناً، هذا أمر غير مسبوق)؟ ثم على المرء أن يتساءل: (هل يمكن أن يحدث ذلك بشكل طبيعي؟، مضيفاً: (إن هذا الأمر يمكن أن يستغرق سنوات، لا بل عقوداً).

بطيء وثابت

يعكف روبنسون حالياً على دراسة ما إذا كان المناخ الشتوي القاسي قد تغير خلال القرن الماضي، إذ يقوم هو وزملاؤه بتحليل سجلات تساقطات ثلجية شتوية كبيرة. وضمن هذا الإطار يرى (أن الجزء الصعب يكمن في حقيقة أن مؤشر الثلج يمكن أن يختفي مؤقتاً في الواقع، لأننا قد نشهد كميات أكبر من الثلوج تحافظ على المعدلات السنوية متناسبة مع ما كانت عليه في الماضي، وذلك على الرغم من أن التغيّر يحدث. وبالتالي، يتعين علينا أن ننظر إلى التغيّر في الطريقة التي يتساقط بها الثلج، وليس بالضرورة إلى كمية الثلج المتساقطة). إلا أن كل هذا العمل يستغرق وقتاً، كما يوضح روبنسون، الذي يعتقد بأن التغيرات الكبيرة ستصبح واضحة بشكل أسرع في وقت قد يستغرق رصد المؤشرات الصغيرة نحو نصف قرن؛ إذ يقول: (إن علماء الأرصاد الجوية يلقون تكريماً فورياً أو يواجهون ازدراءً فورياً، ولكن ما هو مطلوب منهم حقاً هو الصبر).

ستيفاني باباس

عن (Csmonitor)    

العدد 1104 - 24/4/2024