من اللقاء التشاوري لأحزاب الجبهة الوطنية التقدمية بالسويداء

في إطار التحضير للحوار الوطني في محافظة السويداء عقدت اللجنة الفرعية للحوار مع أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية، لقاء تشاورياً، أكدت فيه الفعاليات الأفكار والرؤى الهادفة لحل الأزمة الراهنة، بالحوار وفق رؤية شاملة مبنية على الثوابت الوطنية.

وقد أوضح الحزب الشيوعي السوري (الموحد) موقفه من اللقاء التشاوري ومن مبادرة السيد الرئيس الجمهورية. فقد عبر أمين اللجنة المنطقية في السويداء الرفيق فضل الله عبد الدين في مداخلته قائلاً: إن ما جرى وما يجري من تطورات في بلادنا ليس معزولاً عما يجري في المنطقة مع اختلاف الظروف والخصوصية. وأعتقد أننا جميعاً نعلم تلك التراكمات وأسبابها. فمنطقة غنية بالثروات المختلفة مثل منطقتنا من غير المقبول أن تكون فيها نسب الفقر عالية، وتكون فيها مؤشرات البطالة مرتفعة، وخاصة بين أوساط الشباب، وأن يكون دور المرأة مهمشاً، وينتشر فيها الفساد وتسوء العدالة الاجتماعية والمساواة، وتغيب الديمقراطية والشفافية وحرية التعبير والاجتماع، ويمنع التظاهر والإضراب،، وإقامة منظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية. بسبب كل ذلك اندلعت تلك الأحداث في كل شوارع ومدن البلدان العربية من موريتانيا إلى البحرين، لم ينج أي بلد عربي، ولكنها اختلفت في حدتها ومواجهة الأنظمة لها، كما اختلفت في مشروعية تحركها وارتباطها بالمشروع الوطني.

ونحن رحبنا بتلك الانتفاضات منذ انطلاقها ودعونا الأنظمة إلى عدم التعرض لحق الجماهير في التظاهر والاحتجاج وتلبية مطالبها المشروعة بالإصلاح والتغيير، وطالبنا بإطلاق سراح سجناء الرأي والتعبير، وأدنّا استخدام العنف والقتل ضد المتظاهرين، وانتهاك الحقوق والحريات. ولكننا في الوقت ذاته رفضنا الاستعانة بحلف الناتو من أجل إسقاط نظام عربي، كما رفضنا تسليح وتمويل جماعات أخرى من أجل اغتصاب السلطة، ورفضنا التدخل الخارجي أياً كان نوعه في الشؤون الداخلية، ودعونا إلى الحوار والتغيير السلمي.

وتابع عبد الدين: برغم إجماع السوريين على ضرورة التغيير، إلا أنهم اختلفوا حول آلية هذا التغيير واتجاهاته. فإن الحوار ما زال هو المخرج الوحيد من الأزمة.

إن الدفاع عن الوطن وسيادته ووحدته هي المهمة الأساسية لنا مهما غلا الثمن ورغم تصاعد العنف ما زلنا نؤكد ضرورة الحل السياسي لأزمتنا، فهو الضامن الفعلي لإجراء تغيير حقيقي وشامل لتحقيق تطلعات الشعب السوري إلى غد ديمقراطي علماني يشارك في صنعه جميع الأطياف السياسية والاجتماعية من خلال الحوار الجاد والمسؤول والشفاف. من أجل التوصل إلى عقد اجتماعي جديد يضمن الانتقال السلمي من الصيغة التي أديرت بها البلاد منذ عقود حتى الآن، إلى الدولة المدنية الديمقراطية ذات التعددية السياسية، والتي يتمتع فيها كل مواطن بحق المواطنة والحرية والكرامة والمساواة والرفاهية.

ومن هذا المنطلق قيمنا إيجابياً بشكل عام مبادرة السيد الرئيس، ونرى أن نجاح المرحلة التمهيدية للحوار سيساعد على إنجاح المراحل الأخرى وهذا يتطلب:

تحفيز جميع القوى والأحزاب والأطياف السياسية الوطنية في الداخل والخارج على استمرار رفضها للعنف بجميع أشكاله، وللتدخل الخارجي، ونبذ الفتن الطائفية والمذهبية والقومية، وتغليب مصلحة الوطن على المصلحة السياسية أو الحزبية، واعتماد الحوار الوطني الشامل دون شروط مسبقة. وهذا يستدعي:

– الاعتراف بالأزمة والأخطاء التي رافقت إدارتها.

– الإعلان عن قبول الجميع بنتائج الحوار الوطني الشامل بعد التوافق على النقاط الخلافية.

– أن يكون لهذا الحوار راع وضامن لتنفيذ كامل بنوده.

– إن الخيار الديمقراطي يعني تحميل من فجر الأزمة المسؤولية والأعباء للخروج منها، ونعني من مارس العنف حكماً ومعارضة.

– التعامل مع القوى والأطياف السياسية دون استعلاء أو بيروقراطية وبذل الجهد للتواصل معها.

– الإسراع بإطلاق سراح جميع معتقلي الرأي الموقوفين على خلفية الحراك السلمي، الذي بدأ في آذار 2011 ولم تتلطخ أيديهم بالدماء.

– إطلاق حملة ضد الفساد بأشكاله المختلفة، السياسي والإداري والمالي والديني، واجتثاث مسبباته، والمحاسبة العلنية للفاسدين وتجار الأزمة مهما علت مراتبهم.

– فتح المنابر الإعلامية أمام جميع القوى والأطياف والتيارات السياسية.

– ما دام الحوار من أجل حل مسألة سياسية وطنية، فالحوار يجب أن ينطلق من المركز. فالقوى والتيارات السياسية لها قيادات مركزية ولن تكون آراء قواها في المحافظات مختلفة عن آراء قياداتها.

وطرح الرفيق سيف الدين القنطار، نائب رئيس اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوري (الموحد)، مقترحات للحوار بقوله: السياسة كالطب، والتشخيص الدقيق يساعد على العلاج الناجح، وأما التشخيص الخاطئ فيؤدي للهلاك. وهناك على المستوى العربي مرحلة تاريخية تحتضر، تميزت أولاً بعدم تداول السلطة، ثانياً بالتوزيع الجائر للثروة تمخض عنه تكديس للثروات الخيالية بيد قلة، وإفقار الغالبية، ثالثاً عدم إشراك الشعب العربي في صياغة القرارات المتعلقة بتنظيم حياته، وجعل السلطة وكيلاً حصرياً له تقرر نيابة عنه، وتقف الإمبريالية الأمريكية سداً في وجه طموح الشعوب العربية ببناء عالم عربي جديد.

ماذا يتطلب  الحوار؟

– خلق فضاء جديد يستشعره الناس، يشجع الأطراف كافة على الاشتراك بالحوار ويمنحه الجدية والمصداقية، كي لا يبدو وكأنه مناورة لكسب الوقت واللعب على الرأي العام، ويتطلب هذا الاستعداد للتضحية وتقديم تنازلات لابد من تقديمها.

– رد المظالم إلى أهلها وتبييض السجون من معتقلي الرأي والموقف، والتعبير عن حسن النية بتفعيل قانون التظاهر، والاستعداد لسحب الجيش من المدن بالتزامن مع وقف العنف من القوى المسلحة عبر المضي قدماً بالمبادرة السورية، والاستجابة لكل مبادرة على المستوى الوطني أو الدولي تهدف إلى تحقيق الحل السياسي للأزمة السورية.

– ملاقاة المطالب المشروعة التي لن يتخلى عنها الشعب، فكلما تجاهلناها أو تأخر تنفيذها تزايد عدد الملتفين حولها وتعاظم إصرارهم على تنفيذها. وعدم السماح باستغلال المنصب لإثراء تجار الحروب وخالقي أزمات خانقة تتعلق برغيف المواطن وحاجياته المعاشية.

– التخلي عن الخطاب الملتبس المتعلق بالمعارضة، فالمعارضة في الدولة المدنية هي الوجه الآخر للسلطة، ووجود معارضة سياسية ضرورة وحاجة تمنح العملية السياسية الحيوية وتكسبها الدينامية واهتمام الناس.

وتابع القنطار يقول: المعارضة السورية مستويات عديدة، فهناك النخب ورجال الثقافة والمفكرون وقادة الرأي، ممن جاهروا بآرائهم قبل الحراك الشعبي، كيف يمكن النظر لهؤلاء؟ زد على ذلك أنه لابد من أن نميز في المعالجة بين معارضة شبابية عفوية نزلت إلى الشارع للتعبير عن الذات بصورة سلمية، وبين منظمات تنتمي إلى قوى ظلامية وعناصر قادمة من القاعدة.

– الانتقال بالإعلام السوري من حالته الراهنة إلى حالة جديدة تساعد على إنجاح الحوار، فنحن بحاجة إلى إعلام سوري يجسد التنوع وتعدد الرؤى وثقافة الاختلاف.

– نجاح الحوار يتطلب لجنة مركزية تمثل الرأي العام السوري بتنوعه واتجاهاته المتعددة وليست لجنة حكومية على صعيد المركز والأطراف.

– يدعى إلى الحوار ممثلون عن قوى المعارضة السياسية داخل البلاد وخارجها، ويدعى أيضاً ممثلون عن التنسيقيات وممثلون عن الجيش الحر وممثلون عن حكماء الشعب السوري وشخصياته الاجتماعية والسياسية من أصحاب الرأي الشجاع والمستقل.

– يجري وضع خريطة طريق للحوار تحدد مدته ومهامه يرسمها المشاركون في الحوار وليس الحكومة.

–          لابد من اعتراف أطراف الحوار بأننا ندخل مرحلة جديدة وعصر سوري حديث، فالممارسة السياسية السابقة انتهت بعجرها وبجرها. وعلى الجميع ان يتحملوا مسؤولياتهم في حماية وحدة الوطن وسيادته واستقلاله والحفاظ على حياة أبنائه وكرامتهم، وبناء دولة مدنية علمانية لحمتها الديمقراطية السياسية، وسداها العدالة الاجتماعية دولة تجسد العروبة الحقة والمشروع القومي النهضوي الجديد.

العدد 1104 - 24/4/2024