جمعيات محايدة…؟!

بعرض متسلسل للبدايات المتشابهة في المسميات(جمعيات.. عمل تطوعي… جهات محايدة في حال النزاعات تعمل لصالح الطرفين المتنازعين) نتساءل إن كان هدفها الأول هو التدخّل في حالات الحروب الدامية فقط.. فلصالح من تعمل هذه الجمعيات والمنظمات، وما هو الحياد في منظورها..؟!! وفي حالة الحرب المماثلة لما تعيشه البلاد، تبقى حاجة إيقاف القتل والتشرد هي الأسمى من باقي المستلزمات التي تكتفي المنظمات التطوعية بتقديمها.

مساعدات عينية وافرة غير موزعة للأكثر استحقاقاً.. وقد لاتصل أبداً في بعض الأحيان.. مساعدات معنوية يقدمها غير المتخصصين نوعاً ما.. كمعالجين وداعمين نفسيين غير مؤهلين لمضامين هذا العمل. فبقدر الدمار الهائل الذي تحدثه الحرب، وبقدر توسع الأنشطة التطوعية، بات النقص واضحاً أكثر من ذي قبل.

فإن كانت هذه الجمعيات لا تفي بالغرض مهما صغر حجمه، فلماذا الاستمرار والتشعّب في الفروع والانتماءات..؟ والأكثر عجباً هو معنى التطوع من المنظور المعهود على أنه عمل غير مأجور لا ينتظر المستحقات..!! فما هو الدافع وراء الانتماء للجمعيات الأهلية غير المأجورة ؟! هناك خلل ما إذاً..

تساؤلات عدة تبقى حبيسة الهالة المحيطة بأيّ عمل تطوعي محايد.. فضلاً عن وجود أشخاص فاعلين ضمن العمل التطوعي من مبدأ ردّة الفعل على ما تُسقِطه الحرب من أذيّة عميقة الأثر.. فما هذه الجمعيات والمنظمات التي تستطيع تأمين مساعدات ولا تستطيع أن تفعل أي شيء لإيقاف القتل..!!

في ظلّ الحاجة إلى هذه الأنشطة والتي باتت المحسوبيات تتخللها أيضاً.. والحاجة إلى الفئة الشابّة بما تحتويه من اندفاع وحماس للإنتاج والمشاركة في تحسين ما تؤول إليه البلاد أرضاً وشعباً، تبقى الأفضلية للأكثر غباءً والأقلّ كفاءة لاستغلال نقاط ضعفه وتحريكه بما يناسب مصالح بعض الجمعيات أعلاه.. مصالح تنتهز فرصة استمرار الحرب.. ولكم حرية تخيّل هذه المصالح..؟

وتأسيساً على غرار ما عهدناه من مؤسسات عمل غير نظيف ومليئة بالأسئلة، ستُرتكب مظالم كثيرة  وسيُسرق، لا محال، الكثير من حقوق  الأبرياء الضحايا وباسمهم.

العدد 1105 - 01/5/2024