الخاسر الوحيد..

كثيراً ما رددنا في الصغر أثناء اللعب أغنية (البيضة تحت الجاجة، والجاجة بدها قمحة، والقمحة تحت الداروس، والداروس بدو عروس وال….) لنجد أنفسنا في الكبر تربة خصبة لنطبق هذه اللعبة على أرض الواقع. فالمواطن يشكو من السائق، والسائق من محطات الوقود، ومحطات الوقود من سائق الصهريج، وسائق الصهريج من الحكومة، والحكومة من الأزمة.. وكلٌ يحطُّ اللوم على الآخر. والنتيجة هي أنه في كل يوم تنضمّ فئة جديدة إلى فئة المبتزين والانتهازيين..

فأصحاب الدخل المحدود في ريف السويداء يحتاج كل واحد منهم شهرياً إلى عشرة آلاف ليرة سورية وسطياً، للوصول إلى مقر عمله في المدينة. أما إذا كان لأحدهم أولاد في المدارس والجامعات، فهذا يعنى أن عليه الاستعانة بصديق (إن وجد) لتغطية أجور النقل له ولأولاده.. ناهيك عمن لا دخل لهم ولا معين!

والسائق.. لديه دائماً حجته، فهو يشتري الوقود من المحطات بسعر السوق السوداء، وكما يقال: (على عينك يا تاجر) من دون وجود حسيب أو رقيب، وأنّ أسعار زيت المحرك والفرام والإطارات قد ازدادت بنسبة 300% وكذلك قطع الغيار..

أما أصحاب المحطات فعبارتهم الشهيرة (ما بتوفي معنا) فسائق الصهريج يأخذ منا مبالغ طائلة لإيصال الوقود، فمن سيتحمل هذه الزيادة؟..

وسائق الصهريج: (حاملين روحنا على كفنا يكثّر خيرنا…) ويتحججون بخطورة الطريق..

والحكومة تقول: نعمل ما في وسعنا لخدمة المواطن.. ولكن عليه أن يصبر ويتحمَّل فالبلد في أزمة..

وفي الآخر تدور الواقعة لتقع على رأس المواطن. فمن المسؤول؟

هل تقع المسؤولية على سائق حدَّد التعرفة على هواه..؟

أو على صاحب محطة الوقود، الذي يبيع البنزين والمازوت على مزاجه.؟

أو على الجهات الرقابية المتراخية في القيام بمسؤولياتها.؟

أم أنّ جميع هؤلاء وجدوا لذّة عارمة في ابتزاز المواطن الضحية، والخاسر الوحيد..؟

 أسئلة ثم أسئلة ثم أسئلة.. لكن هل مِنْ مُجيب!؟

العدد 1140 - 22/01/2025