العنف الجنسي ضدّ المرأة .. آثاره وكيفية الوقاية منه

تتعرّض المرأة في كثير من المجتمعات لأشكال مختلفة من العنف والتمييز, ومنها العنف الجنسي.

وتُعرّف الأمم المتحدة العنف المُمارس ضدّ المرأة, بأنه أي فعل عنيف تدفع إليه عصبية الجنس، ويترتب عليه, أو يرجح أن يترتب عليه، أذى أو معاناة للمرأة, سواء من الناحية الجسمانية أو الجنسية أو النفسية, بما في ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو القسر أو الحرمان التعسفي من الحرية.

وبشكل عام العنف الجنسي يعني أي علاقة جنسية, أو محاولة للحصول على علاقة جنسية, أو أية تعليقات أو تمهيدات جنسية, أو أية أعمال ترمي إلى الاتجار بجنس الشخص, أو أعمال موجهة ضدّ جنسه باستخدام الإكراه, يقترفها شخص آخر مهما كانت العلاقة القائمة بينهما وفي أي مكان.

وتمثل هذه المشكلة إحدى المشكلات الصحية العمومية الكبرى, وأحد انتهاكات حقوق الإنسان.

وتشير التقديرات العالمية التي نُشرت من قبل منظمة الصحة العالمية أن 30 % من النساء يتعرضن في أنحاء العالم كافةً لشكل معين من أشكال العنف الجسدي أو الجنسي على يد شركائهن.

ومن عوامل الخطر التي تدفع الرجل إلى ممارسة العنف ضد المرأة: تدنّي مستوى التعليم والتعرض للإيذاء في مرحلة الطفولة, أو شهادة حالات من العنف المنزلي الممارس ضد المرأة، وتعاطي المخدرات أو الكحول على نحو ضار, والسلوكيات التي تميل إلى تقبّل العنف وعدم المساواة بين الجنسين.

وقد تسبب الحروب, والأوضاع التي تعقب حالات النزوح, في تفاقم العنف القائم, وفي ظهور أشكال عنف إضافية تمارس ضد المرأة.

كما تساهم البطالة، إضافة إلى الفقر، وجهل الرجال بكيفية التعامل الإنساني مع الزوجة، في بروز هذه الظاهرة.

ويترتب على هذه الممارسة ضدّ المرأة، عدا التأثير الجسدي والنفسي, عدة نتائج منها: تكبد تكاليف اجتماعية واقتصادية ضخمة تخلق آثاراً عديدة على المجتمع قاطبة.

فقد تعاني النساء من العزلة وعدم القدرة على العمل وفقدان الأجر, ونقص المشاركة في الأنشطة المنتظمة, وعدم التمكن من الاعتناء بأنفسهن وبأطفالهن إلاّ بشكل محدود. إضافة إلى نتائج يتحملها الأطفال الذين نشؤوا في أسر ينتشر فيها العنف الممارس من قبل الشريك المعاشر, والمتمثلة في اضطرابات سلوكية وعاطفية يمكن أن تؤدي بهم إلى اقتراف ذلك العنف, أو الوقوع ضحية له في مرحلة لاحقة من حياتهم.

وتتجلى الوقاية من العنف الجنسي ضدّ المرأة في وضع برامج للعلاج النفسي للمعتدين, ووضع وسائل متطورة لحماية المرأة وإخضاع الضحية لخدمات العلاج الصحي والحماية القانونية, وتدريب المرأة على الرعاية الطبية من خلال توفير مراكز متخصصة لهذه الغاية, ووضع علاجات متوفرة لعدوى الـ HIV..

كما يجب سن التشريعات والسياسات التي تمكّن من التصدي للتمييز الممارس ضدّ المرأة ودعمها بشتى السبل, وتعزيز المساواة بين الجنسين, والمساعدة في المضي قدماً نحو وضع قواعد ثقافية أكثر سلمية.

أيضاً لا بدّ من اتباع الاستراتيجيات التي تجمع بين التمكين الاقتصادي للمرأة, وتلك التي تسعى إلى تعزيز المهارات في مجالي التواصل وصون العلاقات فيما بين الأزواج وداخل المجتمعات المحلية.

أخيراً.. يقول فولتير:( أساس الكون الأمة, وأساس الأمة الأسرة, وأساس الأسرة الرجل).

فما أحوجنا إلى أسرة تتجلى الأمة في نسائها, وترتفع وتقوى برجالها, ليكون البناء سليماً قوياً لا تهدمه العواصف ولا ترميه الأنواء. 

العدد 1105 - 01/5/2024