العنف ضدّ المرأة.. تاريخ طويل ومديد

يرتبط موضوع العنف الجنسي الممارس بحق الأنثى بتاريخ طويل، وفي محاولة لمواجهة هذا الظرف، كانت التقديرات بشأن انتشار العنف طافية إلى ما لا حدّ له.

فالافعال العنيفة بما تدفع إليه عصبية الجنس تصور لنا بشكل ديمومي أن الجاني هو الرجل أو الذكر، والمجني عليه هو الإناث. وبالتعداد الحاصي لما قد تسبب بذلك وساهم مساهمة ملحوظة في تفشي هذه الظاهرة كان الموروث الثقافي القائم على نظرة اضطهاد الأنثى بشكل أو بآخر، وتهميش دورها وتصغيرها، وعدم وجود أي نوع من الاحترام لها، والمحافظة على مجتمع ذكوري يضفي الشرعية والمصداقية على حقوق الرجل متناسياً عمداً لواجباته تجاه المرأة بأصول راجعة إلى التربية، فالإنسان الذي يتربّى على العنف في حياته يتعامل مع الآخرين بأسلوب عنيف وخاصة مع المرأة.

والطامة الكبرى هي ارتفاع معدل البطالة والفقر، ما يجعل من هذا الإنسان ذا طبيعة ومزاج صعب وعنيف، فيلجأ إلى تفريغ طاقته السلبية والانفعالية على المرأة، إضافة إلى الثقافة التي لها دور كبير في حدوث هذا العنف، الناتج عن اختلاف وفروق في المستويات الثقافية، وعدم وجود الوعي الكافي لكيفية التعامل مع الطرف الآخر واحترامه. وتكثر هذه الحالة عندما يكون المستوى الثقافي والعلمي للمرأة أعلى من الرجل مما يؤدي إلى تفاقم المشاكل على الأصعدة كافة وبالتالي يقوم الرجل بتعنيف المرأة.

فما عززه المجتمع والثقافة المحدودة والتربية والعادات السائدة ككل، كان مساهما ًفي تكوين حيّز فعّال من الممارسات والتعنيف، مما جعل الآخر ذا ذهنية مريضة وأخلاقيات منحطة موجهة ضد المرأة ..

ولا نستثني مجمل القوانين المشجعة على ذلك، بعدم فرض العقوبات الرادعة بحق الأشخاص الذين يمارسون العنف ضد المرأة.

وبحياد أيضاً.. إن لعدم إدراك المرأة لذاتها المستقلة بعيداً عن المملكة الذكورية، وممارستها لطقوس الصمت في حالات العنف والاضطهاد الذي تمارسه ضدّ بنات جنسها (التربية وووو)- دورٌ لا يُستهان به في دعم هذه الظاهرة ومواكبتها للتطور التكنولوجي في مجتمعنا، فإن كان الرجل متمحوراً بكليته حول اللامسؤولية في عنفوان مايقترفه سواء من اغتصاب أو معاشرة مُعنّفة، باعتقاد منه أنه على صواب، هنا تأتي حاجتنا إلى التوعية وتقويم السلوك على نطاق واسع ومن قبل متخصصين، والتوجه إلى الطرف المعنف (الأنثى) بضرورة أن تكون على حقيقتها ولا كما أخبرها المجتمع أو أراد لها أن تكون. 

العدد 1105 - 01/5/2024