الصحافة المقيَّدة.. لونٌ زائدٌ في اللوحة

يحتاج أي عملٍ لعدة مقوماتٍ وعواملَ تجعله يتطور وينمو ليعطي الغاية المرجوة منه، فإن غابت بعض هذه المقومات أو كلها لم يعد هذا العمل قادراً على تنفيذ الغرض المطلوب منه، ليتحول وجوده من حيز الكيفية والنوعية إلى مجرد كم يضاف لما هو موجود دون أن يترك أثراً، بل وربما يغدو أثره سلبياً، وهذا حال العمل الصحفي الذي فقد ويفقد يوماً بعد يومٍ العديد من مقوماته الأساسية التي يقوم عليها.

ولكون الصحافة صُنِّفت على أنها السلطة الرابعة، فهي بالنتيجة قادرة على القيام بكل ما هو مكمِّلٌ لعمل السلطات الثلاث السابقة لها، إن أُعطيت مقوماتُها حقَّها على أكمل وجه، بينما حين يبدأ التقييد والتضييق على الصحفي/ة سيتحول هذا العمل مجرد باب رزق لا أكثر ولا أقل فتنعدم الغاية المرجوة منه تماماً.

فإن قام/ت أي/ة صحفي/ة بالتعريف عن نفسه/ا في أية دائرة حكومية، وجد/ت الأبواب جميعها موصدةً أمامه/ا، وفي أحسن الأحوال تكون تلك الأبواب مواربةً، والحقائق المطلوبة منقوصةً ومموَّهةً، بينما لو انتُحلت صفةٌ أخرى مهما كانت لفُتحت جميع الأبواب وقُدِّمت كل المعلومات المطلوبة دون أن تُطلب حتى،
تحديداً إن جُيّر الحديث من قبل المنتحِل بطريقة الفضفضة أو طلب العون والمساعدة سواء المادية أو العينية أو المعنوية، وهذه هي الطريقة التي بات معظم صحفيينا وصحفياتنا يتبعونها للوصول إلى أهدافهم ومن ثم تسليط الضوء على كل ما يجري في كواليس المؤسسات الحكومية سواءً في السلب أو الإيجاب.

على هذا، وفي ظل التعميمات الداخلية الخاصة بكل مؤسسة على حدة والمعنية بمنع إعطاء أية معلومة صريحة للصحافة إلاّ بموافقة الوزير المسؤول، لن يتمكن العاملون في مجال الصحافة على القيام بمهامهم المنوطة بهم على وجه الدقة والصواب،
وبهذا تفقد هذه السلطة الأكثر قدرةً على تحريك الرأي العام أهم مقوماتها، لتتحول إلى لونٍ كماليٍّ مهمته فقط إكمال اللوحة لا أكثر، وجوده كعدمه، دونما نتيجة تعود بالفائدة على المجتمع والدولة ككل. 

العدد 1105 - 01/5/2024