السلفيّة.. ماضيها وحاضرها

عملت القوى الاستعمارية والإمبريالية، ولا تزال تعمل، على تثبيت سيطرتها وتحكمها، بمصائر الشعوب والبشر، من أجل جني أكبر الأرباح، غير مكترثة بما يصيب كوكبنا وما عليه من تدمير وفساد.

أنشأت تلك القوى دولاً  كالنازية والفاشية.. ولم تكتف بذلك بل عملت على تأسيس وتشكيل  منظمات أخرى لها المحتوى ذاته فيها: الماسونية، شهود يهوه، الصهيونية العالمية، السلفية بأنواعها المتعددة…والشركات الأمنية مثل بلاك ووتر، وتجنيد عصابات المرتزقة، وقطاع الطرق!وتفننت في أعمال القتل والاغتيالات والانقلابات.

السلفية (اليهودية)

تعتمد هذه السلفية، على مفاهيم، صاغتها التوراة، والتلمود…، ومنها: يحرم على اليهودي المتدين، إنقاذ مسلم أو مسيحي من الغرق، ويحرم عليه أيضاً مساعدة المحتاج بأبسط أنواع المساعدة إذا كان غير يهودي، ويطلب منهم إلههم (يهوه): السيطرة على أموال الأرض، وبذلك يستعبدون شعوب الأرض، ويطلب منهم قتلهم مع الإبقاء على الحطابين والسقائين لخدمتهم!تذكر التوراة أن يشوع بن نون، لم يبق نسمة حية من إنسان أو حيوان أو نبات في أريحا، ويسير هذا الرب في مقدمة الجنود على شكل عمود من دخان، لقتال الفلسطينيين وإبادتهم، ولا يخفي حقده على دمشق وملكها آرام! هلّل الصهاينة العرب والمسيحيون الجدد في الولايات المتحدة الأمريكية، فرحاً بالعدوان الذي شنته إسرائيل على قطاع غزة سنة 2012 وسمّته (عمود السحاب)! فهل هذا الاسم هو تيمّن بعمود الدخان؟ تعمل إسرائيل والصهيونية مدعومين من حماتهم وراء المحيط، على محاربة كل نفس تحرري في العالم وبخاصة عالمنا العربي بحجة أنهم ينفذون تعاليم يهوه!

السلفية (الإسلامية)!

يرى الباحث والمفكر الدكتور المهندس محمد شحرور، في كتابه (الكتاب والقرآن – قراءة معاصرة): (أن السلفية، هي هروب مقَّنع من مواجهة تحديات القرن العشرين وهزيمة نكراء أمام هذه التحديات، وهي البحث عن الذات في فراغ وليس في أرض الواقع، وهناك تيارات سلفية أخرى طرحت حلولاً فطرية تعمل في فراغ وفق نموذج متحجر طرح في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين.. إنها تيارات سلفية أخرى لا تعيش زمانها ولا تتفاعل معه). وبغض النظر عن الوقت الذي قيل إنها نشأت فيه فإن وقائع الحياة تثبت أنها امتداد، لكل القوى الظلامية التي رافقت نشوء البشرية! إن الأساس النظري الذي تقوم عليه هذه القوى، هو إلغاء المخالف والقضاء عليه! ومن أبرز مفكريهم عبد القاهر البغدادي في القرن الرابع الهجري، وبعده ابن تيمية، ومحمد بن عبد الوهاب، ولجنة الإفتاء والبحوث ومؤسسة الحرمين الشريفين في المملكة العربية السعودية! فعلى سبيل المثال للحصر، بنت هذه المؤسسة في اليمن أربعة آلاف مدرسة لتعليم المذهب الوهابي!

تخرج في الجامعة الإسلامية في السعودية، آلاف الدعاة لنشر المذهب في كافة بلدان العالم.

إن المنبت الاجتماعي، لهؤلاء الدعاة هو منبت فلاحي بدوي متخلف اجتماعياً. ولقد عمل الوهابيون ويعملون، على بناء الجوامع والمساجد في كل أصقاع الدنيا، ولو كان عدد المسلمين فيها لا يتجاوز أصابع اليد، ويعملون على أسلمة الوثنيين والمسيحيين، ويقوم الوهابيون بنشر التفرقة والخلافات الحادة بين المسلمين!

يقول الدكتور البوطي: (المشكلة الوحيدة عندنا هي الخلافات والخصومات الطاحنة التي تثيرها جماعة السلفية…أغلقت السلطات الأمريكية مسجد واشنطن لتلك الأسباب، وكذلك فرنسا أغلقت أحد مساجد باريس!).

إن الهدف الوحيد الذي تعمل له هذه السلفية هو القضاء على الإنسان وتحطيم كل ما أبدعه العقل الإنساني خلال قرون، وقتلت، وهجرت المسيحيين وأجبرتهم على دفع الجزية، وسبت بنات ونساء الإزيديين وقتلت المئات منهم، وقتلت الآلاف في العراق وسورية ومصر وليبيا، بصرف النظر عن الانتماء الطائفي أو المذهبي. ويشن الوهابيون اليوم حرباً ظالمة على اليمن الشقيق، البلد العربي والذي عجز كل غزاة العالم عن قهر أهله أو احتلاله! هذه الأعمال وغيرها قام بمثلها ظلاميون في عصور سابقة، (فقد قتل أحد أمراء خراسان في مدة قليلة أكثر من مئة ألف إنسان وبنى من رؤوسهم مناراً (أذّن عليه المؤذنون).

روى ابن الأثير في حوادث سنة 494 هجرية، أمر السلطان السلجوقي بقتل الباطنية، وجعل العامة يأتون بالباطنية أفواجاً ومنفردين، فيلقونهم في نار.

تعرضت الإمبراطورية العباسية، للتقسيم والتفتييت، وقُتل المتنورون والمفكرون فيها، لا لذنب سوى أنهم قادرون على التفكير والتصدي للغزو الصليبي الذي اجتاح المشرق العربي وأعمل فيه قتلاً وتشريداً، لقد كبد هؤلاء المتنورون الغزو الصليبي الخسائر الفادحة!

القاسم المشترك بين الماضي والحاضر

ارتكب ظلاميو الماضي جرائمهم إبان الغزو الصليبي وإبان تنازع الدويلات التي نشأت على أنقاض الإمبراطورية العباسية! واليوم! تُنسى القضية الفلسطينية، ويخلو الجو أمام الصهيونية وحكام اسرائيل، لتدمير قطاع غزة، وخنق الضفة الغربية بالمستوطنات، ويتحالف ظلاميو العصر مع شُذاذ الأفاق في الأرض المحتلة ويصوبون سهام حقدهم ضد سورية والقوى الشريفة التي ساندتها لرد حقد الطغاة إلى نحورهم!

وأخيراً يطرح السؤال الآتي:أسلفية واحدة عرباً ويهوداً أم سلفيتان!

العدد 1105 - 01/5/2024